الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

أوغندا

أوغندا

أوغندا

غامر المستكشفون طوال قرون في مجاهل افريقيا بحثا عن منبع نهر النيل العظيم الذي يشق طريقه من وسط القارة الافريقية باتجاه الشمال ليصبّ اخيرا في البحر الابيض المتوسط.‏ وبعد الكثير من الجهود الحثيثة،‏ ركّز البعض اهتمامهم على بحيرة فيكتوريا والجبال المحيطة بها واعتبروها المصدر الرئيسي لمياه النيل التي لا تنضب.‏ لكن كثيرين من القاطنين في تلك البقاع فرحوا في العقود الاخيرة باكتشاف منبع ماء اثمن بكثير،‏ ‹ماء حي› يمنح «حياة ابدية».‏ (‏يو ٤:‏١٠-‏١٤‏)‏ وهؤلاء هم شعب أوغندا «العطاش الى البر».‏ —‏ مت ٥:‏٦‏.‏

‏«لؤلؤة افريقيا»‏

تتميز أوغندا التي يخترقها خط الاستواء بطبيعتها الخلابة ومناخها المعتدل.‏ فالانهار الجليدية القابعة في اعلى سلسلة جبال رُووَنزوري المهيبة،‏ المعروفة بجبال القمر،‏ تذوب وتتساقط شلالات متلألئة تغذّي آلاف الانهار والبحيرات.‏ وتنمو في ربوع أوغندا نباتات البن والشاي والقطن بفضل تربتها الخصبة وأمطارها الوفيرة.‏ كما يغزر فيها موز الجنة،‏ نوع من الموز مخصَّص للطبخ ويستخدم لإعداد الماتوكي،‏ احد اهم الاطباق الاوغندية.‏ ويتناول الاوغنديون ايضا المنيهوت،‏ دقيق الذرة،‏ الدُّخن،‏ والصَّرْغوم (‏نوع من الذرة)‏.‏

ويُعتبر هذا البلد المداري موئلا للاسود،‏ الفيلة،‏ افراس النهر،‏ التماسيح،‏ النمور،‏ الزرافات،‏ والظباء،‏ اضافة الى حيوانات الشمبانزي وتشكيلة من القرود الرائعة وغورلا الجبال المهدَّد بالانقراض.‏ كما تلوذ بأرجائه طيور خلابة تصدح بتغاريد تطرب لها الآذان.‏ ولفيض الروائع التي تتسم بها أوغندا،‏ باتت تعرف باسم «لؤلؤة افريقيا».‏

شعب أوغندا الرائع

تحتضن أوغندا حوالي ٣٠ مليون نسمة ينتسبون الى نحو ٣٠ مجموعة اثنية.‏ وكثيرون منهم متدينون ينتمون الى كنائس العالم المسيحي.‏ لكنهم يمارسون،‏ شأنهم في ذلك شأن نظرائهم في البلدان الاخرى،‏ عبادة شكلية تشوبها في اغلب الاحيان الممارسات الدينية التقليدية.‏ ويتحلى الاوغنديون عموما بروح ودية ومضيافة،‏ حتى انه من الشائع ان ترى البعض يركعون عند تحية او خدمة شخص يكبرهم سنا.‏

ولكن من المؤسف انه خلال سبعينات وثمانينات القرن العشرين،‏ عصفت الشدائد بهذا الشعب الرائع وخبا بريق «اللؤلؤة» الجميلة التي يقطنون في ارجائها.‏ فقد اندلعت ثورات سياسية اذاقت الاوغنديين الامرّين وأزهقت ارواح الآلاف منهم.‏ وما زاد الطين بلة وباء الأيدز الذي زرع الاسى والموت في المنطقة.‏ وفي خضم هذه الاحوال المزرية،‏ لاح في الافق بصيص امل مع رسالة التعزية والرجاء التي نشرها شهود يهوه بين هذا الشعب الذي أبى ان يرزح تحت ثقل المعاناة والشقاء.‏

فاتحون روّاد في استكشاف المقاطعات

يعود اول سجل لعمل الكرازة بالملكوت في أوغندا الى عام ١٩٣١،‏ حين اشرف مكتب فرع جنوب افريقيا على هذا العمل في كل المناطق الافريقية الواقعة جنوب خط الاستواء.‏ فبغية افتتاح هذه المقاطعة الشاسعة،‏ عيّن الفرع فاتحَين هما روبرت نيزبِت ودايڤد نورمان ليغطيا البقعة التي تحتلها اليوم كينيا،‏ أوغندا،‏ وتنزانيا.‏

عقد الاخوان العزم على حمل بشارة الملكوت الى اعماق افريقيا.‏ فابتدآ حملتهما الكرازية في دار السلام في ٣١ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٣١،‏ ومعهما ٢٠٠ صندوق من المطبوعات.‏ وتابعا طريقهما الى جزيرة زنجبار ومنها الى ميناء مومباسّا ثم توجها نحو المناطق الجبلية في كينيا.‏ فسافرا بالقطار وكرزا في المدن الواقعة على طول السكة الحديدية عند الشواطئ الشرقية لبحيرة فيكتوريا.‏ بعد ذلك،‏ عبر هذان الفاتحان المقدامان البحيرة على متن باخرة ووصلا الى كامپالا،‏ عاصمة أوغندا.‏ وبعدما وزّعا عددا كبيرا من المطبوعات وأجريا اشتراكات في مجلة العصر الذهبي،‏ توغلا في سيارتهما اكثر فأكثر داخل البلد.‏

وبعد اربع سنوات،‏ اي في عام ١٩٣٥،‏ قام اربعة فاتحين من جنوب افريقيا بحملة كرازية اخرى في افريقيا الشرقية.‏ وهؤلاء هم ڠراي سميث وزوجته أولڠا يرافقهما روبرت نيزبِت وأخوه الاصغر جورج.‏ فاستقلوا سيارتَي ڤان مجهزتين جيدا ومعدّتَين للمبيت وانطلقوا معا في مغامرة جريئة على الدروب الوعرة يشقون طريقهم عبر الاعشاب التي وصل ارتفاعها الى ثلاثة امتار.‏ يقول احد التقارير:‏ «غالبا ما افترشوا ارض البراري وناموا في العراء،‏ واختبروا بكل حواسهم الحياة في قلب افريقيا الذي يعج بالحيوانات البرية.‏ فكان يتناهى الى مسامعهم في الليل زئير الاسود،‏ ويرون بأم عينهم الحمير الوحشية والزرافات وهي ترعى بسلام،‏ ويشعرون بوجود الكركدَّن والفيلة المهيبة المنذرة بالخطر».‏ رغم كل ذلك،‏ قاموا دون اي وجل بزيارة البلدات التي لم تسمع قط برسالة الملكوت.‏

وفيما قضى ڠراي وأولڠا سميث بعض الوقت في تانغانيقا (‏الآن تنزانيا)‏،‏ توجّه روبرت وجورج نيزبِت الى نيروبي بكينيا.‏ وفي وقت لاحق،‏ غادر الزوجان سميث تانغانيقا بأمر من سلطات الاستعمار وقصدا كامپالا بأوغندا.‏ لكن الاوضاع هناك لم تكن مؤاتية جدا هذه المرة.‏ فقد بقيت عين الشرطة ساهرة تراقب عن كثب نشاط آل سميث اللذين لم تخر عزيمتهما،‏ بل وزعا في غضون شهرين فقط ١٢٢‏,٢ كتابا وكراسا ورتّبا لعقد ستة اجتماعات عامة.‏ ولكن في نهاية المطاف اصدر الحاكم امرا بترحيلهما من أوغندا.‏ فسافرا الى نيروبي حيث التقيا الاخوين نيزبِت ثم عادا الى جنوب افريقيا.‏

بفضل بركة يهوه،‏ نجحت هذه الحملات الكرازية بشكل منقطع النظير وأُعطيت شهادة رائعة جدا.‏ فرغم المقاومة الدينية والضغوط المتزايدة التي مارستها سلطات الاستعمار،‏ وزع الفاتحون اكثر من ٠٠٠‏,٣ كتاب وما يزيد عن ٠٠٠‏,٧ كراس فضلا عن الاشتراكات الكثيرة التي حصلوا عليها.‏ لكن هذه الحملات توقفت وظل العمل الكرازي في أوغندا معلَّقا سنوات عديدة.‏

استئناف النشاط الكرازي

في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٥٠،‏ قدِم الزوجان كِلمنستر من انكلترا ليقيما في كامپالا.‏ فناديا بغيرة بالبشارة وسرّا جدا حين تجاوبت عائلتان،‏ واحدة يونانية وأخرى ايطالية،‏ مع رسالة الملكوت.‏

وفي كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٥٢،‏ شهدت نيروبي بكينيا زيارة الاخوين نور وهنشل من المركز الرئيسي لشهود يهوه في نيويورك.‏ وحيث ان الاخ كِلمنستر لم يُرد ان يفوّت عليه فرصة لقائهما،‏ سافر قاطعا كل المسافة الفاصلة بين كامپالا ونيروبي.‏ وقد امدّ الاخوان نور وهنشل الفريق الصغير في نيروبي بالتشجيع ورتّبا ان تؤسَّس جماعة في كامپالا.‏ وما لبث ان اسفر تأسيس هذه الجماعة الجديدة عن نتائج جيدة،‏ اذ بلغت ذروة الناشرين عشرة اشخاص خلال سنة الخدمة ١٩٥٤.‏

وخلال السنة عينها،‏ قام اريك كوك من مكتب الفرع في روديسيا الجنوبية (‏الآن زمبابوي)‏ بزيارة افريقيا الشرقية.‏ فقضى بعض الوقت برفقة الجماعة في كامپالا التي تمتع اعضاؤها آنذاك بدرس مجلة برج المراقبة اسبوعيا انما دون ان يعربوا عن نشاط ملحوظ في الخدمة المسيحية.‏ لذا شجع الاخ كوك الاخ كِلمنستر على عقد كافة اجتماعات الجماعة،‏ بما فيها اجتماع الخدمة الاسبوعي.‏ وبغية توسيع عمل الكرازة اكثر فأكثر،‏ شدد الاخ كوك على اهمية الخدمة من بيت الى بيت ومنَح التدريب بمحبة لعدد من الاخوة على صعيد فردي.‏

حتى ذلك الوقت،‏ كان الاخوة يكرزون عموما للاوروبيين القاطنين في أوغندا.‏ لكنّ الاخ كوك ابرز ضرورة الكرازة لأهل البلد.‏ ولما لاحظ ان معظم الاوغنديين في كامپالا ينطقون باللوغندية،‏ اقترح ان تُترجم احدى المطبوعات الى هذه اللغة بهدف بلوغ قلوب هؤلاء الاشخاص.‏ لذا ابتدأ الناشرون عام ١٩٥٨ يستخدمون كراسا تُرجم حديثا اسمه ‏«بشارة الملكوت هذه».‏ وكم منحت هذه الخطوة الداعمة زخما كبيرا لعمل الكرازة!‏ فقد تقدّم العمل تقدّما ملحوظا وشاركت ذروة جديدة من ١٩ ناشرا في الخدمة عام ١٩٦١.‏

التقى الاخ كِلمنستر خلال عمله الدنيوي بجورج كادو،‏ اوغندي في اوائل اربعيناته حماسي الطبع يتحدث الانكليزية بطلاقة الى جانب اللوغندية،‏ لغته الام.‏ فاستأثر حق الاسفار المقدسة باهتمام جورج عندما علم ان اسم اللّٰه هو يهوه وبدأ يدرس الكتاب المقدس.‏ وسرعان ما صار يرافق الاخ كِلمنستر في الكرازة من بيت الى بيت مؤديا دور المترجم.‏ وعام ١٩٥٦،‏ رمز الى انتذاره ليهوه في اول معمودية أُجريت في أوغندا في بحيرة فيكتوريا قرب آنتيبي.‏

لكنّ عمل الملكوت عانى للاسف انتكاسة بعد فترة قصيرة.‏ فقد عاد بعض الاخوة الاجانب الى ديارهم حين انتهت عقود عملهم.‏ وفُصل عدد من الاخوة وعَثَر آخرون بسبب سلوك بعض اعضاء الجماعة المنافي لمبادئ الاسفار المقدسة.‏ لكن محبة الاخ كادو ليهوه لم تنثلم وعرف ان التعاليم التي تلقاها هي الحق بذاته.‏ فتمسك بها «في وقت مؤات وفي وقت محفوف بالمتاعب» وخدم بأمانة كشيخ حتى مماته عام ١٩٩٨.‏ —‏ ٢ تي ٤:‏٢‏.‏

الخدمة حيث الحاجة اعظم

كان حقل الخدمة في افريقيا الشرقية واسعا جدا والحاجة الى منادين بالملكوت كبيرة للغاية.‏ لكنّ المشكلة لم تتوقف عند هذا الحد.‏ فالحكومة الاستعمارية لم تسمح بدخول المرسلين الى المنطقة.‏ فما العمل؟‏

عام ١٩٥٧،‏ أُطلق نداء في كل انحاء العالم يدعو الناشرين الى الخدمة حيث الحاجة اعظم.‏ وجرى تشجيع الاخوة الناضجين روحيا على الانتقال حيث الحاجة ماسة الى ناشرين لرسالة الملكوت.‏ فأتت الدعوة مشابهة لتلك التي نالها الرسول بولس في رؤيا حين شاهد رجلا يتوسل اليه قائلا:‏ «اعبر الى مقدونية وأعنّا».‏ (‏اع ١٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ فكيف اثّر هذا النداء العالمي في تقدم عمل الكرازة في أوغندا؟‏

لبّى فرانك وميري سميث النداء على غرار النبي اشعيا في الماضي،‏ وشرعا على الفور في الاستعداد للانتقال الى افريقيا الشرقية.‏ * (‏اش ٦:‏٨‏)‏ وفي تموز (‏يوليو)‏ ١٩٥٩ ركبا البحر من نيويورك الى مومباسّا مرورا بكَيب تاون.‏ ثم سافرا بالقطار الى كامپالا،‏ حيث حظي فرانك بعقد عمل ككيميائي في دائرة المسح الجيولوجي الحكومية.‏ وأقام الزوجان سميث في آنتيبي على بُعد ٣٥ كيلومترا تقريبا جنوب كامپالا.‏ ولم تكن هذه المدينة الجميلة الجاثمة على شواطئ بحيرة فيكتوريا قد سمعت بعد رسالة الملكوت.‏ فصارا يحضران الاجتماعات بانتظام في كامپالا مع الجماعة الصغيرة التي كانت تنمو شيئا فشيئا.‏

وسرعان ما نقل الزوجان سميث الحق الى شخص يشغل منصبا مرموقا في المجتمع الاوغندي يدعى پيتر جيابي وزوجته استير.‏ كان پيتر قد حصل في وقت سابق على كتاب ماذا فعل الدين للجنس البشري؟‏ * لكنه لم يعره اي اهتمام بسبب انشغاله في وظيفته الدنيوية وكثرة اسفاره.‏ وذات مرة،‏ أُرسل پيتر ليسوّي قضية معقدة بين قبيلتين ساد التوتر بينهما اثر تنازعهما على قطعة ارض.‏ فصلى قائلا:‏ «يا اللّٰه،‏ اذا ساعدتني فسأبحث عنك».‏ وبعدما حُلّت المسألة سلميا،‏ تذكر صلاته وبدأ يقرأ الكتاب.‏ فأدرك ان المسطَّر فيه ما هو إلّا الحق وراح يبحث عن الشهود.‏ ويا للفرح الذي غمره حين التقى فرانك سميث الذي وافق على عقد درس منتظم في الكتاب المقدس معه ومع زوجته!‏ نتيجة ذلك،‏ اعتمد هذان الزوجان الرائعان وهما لا يزالان ناشرين نشيطين يخدمان يهوه بأمانة بعد مضي اكثر من اربعة عقود.‏

وتجاوب ايضا اخوة اجانب آخرون مع نداء الخدمة حيث الحاجة اعظم.‏ فأبرم بعضهم عقود عمل في مناطق تبعد كثيرا عن الناشرين في جماعة كامپالا.‏ مثلا،‏ استقر زوجان في مبارارا،‏ بلدة صغيرة تحضنها التلال المتموجة جنوب غرب أوغندا وتبعد نحو ٣٠٠ كيلومتر عن كامپالا.‏ ورتبا ان يُعقد درس برج المراقبة ودرس الكتاب في منزلهما.‏ لكنهما سافرا بين الوقت والآخر الى كامپالا او آنتيبي لينعما بدفء المحبة بين اخوتهم المسيحيين.‏ من ناحية اخرى،‏ بقي هذا الزوجان على اتصال بمكتب الفرع في لوانشيا بروديسيا الشمالية (‏الآن زامبيا)‏ الذي اشرف آنذاك على عمل الكرازة بالملكوت في افريقيا الشرقية.‏ وقد خدم هاري أرنوت الذي تولّى الاهتمام بالفرع في تلك الفترة كناظر اقليم،‏ وزار كامپالا مشجعا الناشرين القلائل في أوغندا الذين قدّروا بعمق اهتمامه الحبي هذا.‏

ومن بين الذين تاقوا ايضا الى الخدمة حيث الحاجة اعظم طوم وآن كوك من انكلترا.‏ لذا ارسل طوم طلب عمل الى عدد من البلدان وحصل على وظيفة في وزارة التربية في أوغندا.‏ وهكذا حملته وظيفته في البداية هو وزوجته آن وابنته سارة البالغة من العمر اربع سنوات الى بلدة ايڠانڠا الصغيرة الواقعة على بُعد حوالي ١٣٠ كيلومترا شرق كامپالا.‏ وبعدما ابصرت ابنته الثانية رايتشِل النور،‏ انتقل مع عائلته الى جنجا،‏ مدينة تقع في ما يعرف عموما بمنبع النيل.‏ وفي وقت لاحق،‏ انتقلت العائلة الى كامپالا.‏

التضحيات والبركات

لا شك ان كل هذه العائلات ساهمت مساهمة فعالة في نمو العمل الكرازي في أوغندا.‏ صحيح انهم تخلوا عن نمط حياتهم السابق وسبل الراحة التي اعتادوا عليها،‏ لكنهم اختبروا بالمقابل فرح رؤية اناس متواضعين يغيّرون طريقة حياتهم ويتجاوبون مع بشارة الملكوت.‏ كما نعموا برباط المحبة المسيحية المتين الذي جمع بينهم وبين العائلات الاوغندية اثناء اجتماعهم معا لتقديم العبادة والتمتع بالمعاشرة الطيبة.‏

يتذكر طوم كوك:‏ «تأثرنا كثيرا بدماثة اخلاق الذين التقيناهم في الخدمة وبنبلهم وتواضعهم.‏ ومساهمتنا ولو قليلا في نمو الجماعة لهو امتياز نقّدره من كل قلبنا».‏

اما عن مشاعره حيال انتقاله الى أوغندا فيقول:‏ «ما كنا سنجد بيئة افضل نخدم فيها يهوه مع عائلتنا الصغيرة.‏ فقد عاشرنا اخوة وأخوات من بلدان كثيرة يُحتذى بمثالهم الرائع،‏ وتمتعنا برفقة الاخوة المحليين المحبين والاولياء.‏ كما حظينا بامتيازات رائعة في الخدمة،‏ تخلصنا من تأثير التلفزيون الرديء،‏ واكتشفنا روائع الحياة الريفية الافريقية.‏ وليس هذا سوى غيض من فيض البركات التي نعمنا بها».‏

كذلك اعرب الذين خدموا حيث الحاجة اعظم عن تقديرهم العميق للمعاشرة المسيحية من خلال استعدادهم للسفر الى كينيا بغية حضور المحافل الدائرية،‏ حيث ان رحلتهم بالباص او القطار استلزمت قطع مسافة ١٥٠٠ كيلومتر ذهابا وإيابا!‏

وتطلبت المحافل الكورية بذل جهود اكبر ايضا.‏ ففي عام ١٩٦١ مثلا،‏ حضر مندوبون من أوغندا وكينيا محفلا كوريا في كيتوي بروديسيا الشمالية (‏زامبيا)‏.‏ وقد عنى ذلك حسبما يقول احد المندوبين،‏ «السفر اربعة ايام مسافة تزيد عن ٦٠٠‏,١ كيلومتر سالكين طرقات تانغانيقا (‏تنزانيا)‏ الوعرة للغاية وغير المعبدة بمعظمها،‏ ثم العودة الى أوغندا في رحلة تستغرق اربعة ايام اخرى عبر السافانا الافريقية بكل غبارها وقيظها اللاذع.‏ فيا لها من مغامرة!‏ لكنّ معاشرة اعداد غفيرة من الاخوة والاخوات في جو ساده الفرح والسعادة كانت بركة عظيمة لنا».‏ نعم،‏ رغم الجهود المضنية المبذولة لحضور المحافل الكورية،‏ حصد الاخوة بركات جزيلة وشعروا بانتعاش روحي لا مثيل له.‏

المرسلون ينجزون عملا حيويا

عام ١٩٦٢،‏ استقلت أوغندا عن بريطانيا.‏ وفي السنة التالية،‏ زار الاخ هنشل نيروبي بكينيا وبحث في احتمال تعيين مرسلين في أوغندا.‏ فمن كان سيُرسل الى هناك يا ترى؟‏

كان طوم وبِثل ماكلاين المتخرجان من الصف الـ‍ ٣٧ لمدرسة جلعاد قد وصلا مؤخرا للخدمة في نيروبي.‏ فكم تفاجآ حين عيِّنا في كامپالا!‏ لكنهما قبِلا التغيير بكل طوعية ليغدوا اول مرسلَين مدرّبَين في جلعاد يخدمان في أوغندا.‏ يعترف طوم:‏ «في البداية شعرنا بالحنين الى نيروبي،‏ لكننا ما لبثنا ان تكيفنا وفرحنا كثيرا بشعب أوغندا الودود وتجاوبهم الحماسي مع عمل الشهادة».‏

ولكن بعدما كان طوم وبِثل قد ابتدآ يتعلمان السواحلية في كينيا،‏ وجب عليهما الآن تعلّم لغة جديدة:‏ اللوغندية.‏ ولم يكن لديهما ما يعتمدان عليه سوى تصميمهما الراسخ،‏ اتكالهما على يهوه،‏ وكتاب يعلّمهما تلك اللغة.‏ فكرّسا في الشهر الاول من مكوثهما في البلد ٢٥٠ ساعة لدرس اللغة الجديدة وفي الشهر الثاني ١٥٠ ساعة،‏ هذا فضلا عن الساعات المئة التي قضياها في خدمة الحقل.‏ وشيئا فشيئا اتقنا اللوغندية وحصدا اثر ذلك نتائج سارة في الخدمة.‏

وفي كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٦٤،‏ انضم الى طوم وبِثل مرسلان من الصف الـ‍ ٣٨ لمدرسة جلعاد هما ڠيلبرت وجوان والترز.‏ ولحقهما بعد ذلك من الصف نفسه ستيفن وباربرا هاردي وكذلك رون وجيني بيكنيل،‏ بعد ان واجهوا عراقيل في الحصول على تأشيرة لدخول بوروندي المجاورة حيث اتى تعيينهم في الاساس.‏ وهكذا لزم في غضون فترة قصيرة انشاء بيت آخر للمرسلين في كامپالا!‏

وقد ضمّت الجماعة في كامپالا اشخاصا لا يمكن محوهم من الذاكرة.‏ وهؤلاء هم الاخ كادو وعائلته؛‏ جون ويونيس بوالي،‏ فاتحان خصوصيَّان من روديسيا الشمالية وأولادهما؛‏ كذلك مارڠريت نيانديه وصغارها.‏ وكانت الاجتماعات تُعقد في مكان مفتوح الى حد كبير.‏ يتذكر ڠيلبرت والترز:‏ «رغم قلة عددنا،‏ تمكن المارة من رؤيتنا وسماعنا.‏ فقد اخذت عائلة بوالي القيادة في انشاد ترانيم الملكوت ورنموا من كل قلبهم دون مرافقة موسيقية،‏ وكل ذلك على مرأى من الناس.‏ فأمدنا ذلك بالشجاعة لنكمل تعييننا الارسالي».‏

ولم يمضِ وقت طويل حتى عيِّن ڠيلبرت وجوان والترز لتأسيس بيت للمرسلين في مدينة جنجا التي لم ينظَّم فيها سابقا اي نشاط كرازي.‏ وفي وقت لاحق،‏ أُنشئ بيتان آخران للمرسلين،‏ واحد في مْباله قرب الحدود مع كينيا والثاني في مبارارا.‏ وقد عمل المرسلون جميعا كتفا الى كتف مع عدد من الفاتحين الخصوصيين القادمين من بلدان اخرى.‏ فالحقل كان دون شك قد ‹ابيض للحصاد›.‏ (‏يو ٤:‏٣٥‏)‏ ولكن كيف السبيل الى تسريع عمل الحصاد هذا؟‏

التنظيم يتحسّن

دأب الخدام كامل الوقت في أوغندا على تغطية المقاطعة الشاسعة المعينة لهم بطريقة منظمة قدر الامكان.‏ ففي بحر الاسبوع،‏ نادوا بالبشارة في المجمَّعات السكنية حيث الشوارع والبيوت محددة بالاسماء والارقام.‏ ولكن كيف لهم ان يكرزوا بطريقة منظمة في مقاطعات لا تحمل شوارعها اسماء ولا بيوتها ارقاما؟‏

يوضح طوم ماكلاين:‏ «قسّمنا المقاطعة الى تلال،‏ بحيث يغطي اثنان منا جانبا من التلة فيما يغطي آخران الجانب الآخر.‏ وكنا نتبع الدروب كارزين للناس صعودا ونزولا حتى نلتقي نحن الاربعة من جديد».‏

وسرعان ما ابتدأ الاخوة الاجانب يستفيدون من تزايد اعداد الشهود الاوغنديين الذين يعرفون المقاطعة حق المعرفة ويفهمون حضارة البلد.‏ بالمقابل،‏ اكتسب الناشرون المحليون خبرة قيمة نتيجة عملهم مع الاخوة والاخوات الاجانب.‏ ففي جنجا مثلا،‏ راح الاخوة الاوغنديون يرافقون المرسلين في خدمة الحقل.‏ فيكرزون ايام الآحاد من بيت الى بيت من الساعة الثامنة حتى العاشرة صباحا.‏ بعد ذلك يقضون ساعة في الزيارات المكررة ثم يعقدون درسا في الكتاب المقدس حتى تحل الظهيرة.‏ وهكذا استفاد كل اعضاء الجماعة من تبادل الخبرة والتشجيع.‏

اعتُبرت جنجا آنذاك ثاني كبرى المدن في البلد.‏ ولما كان فيها محطة كهرمائية لتوليد الطاقة الكهربائية،‏ باتت تستقطب الكثير من المشاريع الصناعية.‏ لذا لمس المرسلون نتائج مذهلة من الشهادة في محطات الباص والتاكسي المكتظة بالناس.‏ فقد قبل مسافرون من اماكن بعيدة بشوق مطبوعات الكتاب المقدس ليقرأوها خلال رحلتهم.‏ وهكذا غُرست بذور الملكوت في طول الارياف المحيطة وعرضها.‏

واستخدم الاخوة ايضا البث الاذاعي لنقل البشارة الى اكبر عدد ممكن من الاشخاص.‏ فقدّموا على الاذاعة الوطنية برنامجا اسبوعيا عنوانه «امور يفكر فيها الناس» ناقشوا فيه مواضيع مثيرة للتفكير مثل «مواجهة الازمات في الحياة العائلية» و «كيف تحمي نفسك من الجريمة والعنف»،‏ على شكل حوار بين رجل اميركي دُعي «السيد روبنز» وآخر اسكتلندي سُمّي «السيد لي».‏ يتذكر احد الاخوة:‏ «لم يعتد المواطنون البتة سماع حوار بين اميركي واسكتلندي عبر محطة اذاعية افريقية.‏ وقد عرفنا ان البرنامج حقق النتائج المرجوة من التعليقات التي تناهت الى مسامعنا في خدمة الحقل».‏

توفير المساعدة للكارزين الجدد

عقد فريق جنجا في تلك الايام اجتماعاته في المركز الاجتماعي القائم في المجمَّع السكني الرئيسي،‏ والوكوبا.‏ يتذكر طوم كوك:‏ «كثيرون من الاخوة كانوا جددا ولا يملكون سوى مطبوعات قليلة تساعدهم على الاستعداد لتعييناتهم في الجماعة».‏ فماذا تقرّر فعله؟‏

يوضح طوم:‏ «وضع المرسلون مكتبة في منزل اخ يعيش في وسط المجمَّع السكني،‏ بحيث صار الاخوة يقصدون المكتبة كل مساء اثنين كي يستقوا منها المعلومات لإتمام تعييناتهم».‏ واليوم هنالك عدة جماعات في ضواحي جنجا لا تزال تلاقي نتائج سارة من الصيد الروحي في منبع النيل الرئيسي هذا.‏

النظار الجائلون يعززون النمو الروحي

في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٦٣،‏ بات عمل الكرازة في أوغندا تحت اشراف فرع كينيا المؤسس حديثا.‏ فعيِّن وليَم وميوريِل نيزبِت لزيارة أوغندا ضمن دائرتهم التي كان مركزها نيروبي.‏ والمثير للاهتمام ان وليَم سار على خطى اخويه الرائدين،‏ روبرت وجورج،‏ اللذين كرزا في أوغندا منذ ٣٠ سنة خلت.‏ وهكذا استفاد الناشرون من الجهود الدؤوبة التي بذلها «فريق العمل الثاني» في عائلة نيزبِت.‏

صارت رسالة الملكوت تستقطب الاهتمام اكثر فأكثر،‏ كما ازداد عدد الفرق وتوزّع الناشرون على منطقة واسعة.‏ لذا لعبت الزيارات المنتظمة التي قام بها النظار الجائلون دورا فعالا في منح التدريب والتشجيع وكذلك التأكيد للاخوة والاخوات في المناطق النائية «ان عيني يهوه على الابرار».‏ —‏ ١ بط ٣:‏١٢‏.‏

وفي عام ١٩٦٥،‏ زار ستيفن وباربرا هاردي الجماعات ضمن دائرة امتدت من أوغندا الى جزر سايشل في المحيط الهندي التي تبعد ٦٠٠‏,٢ كيلومتر تقريبا.‏ وذات مرة،‏ قاما «ببعثة استكشاف» في أوغندا ليحددا المناطق التي يحصد فيها الفاتحون افضل النتائج.‏ فجالا في معظم انحاء البلد على متن سيارة من نوع فولكسڤاڠن كومبي اعارهما اياها فرع كينيا ليتنقلا ويناما فيها.‏ وفي ستة اسابيع فقط،‏ زارا مدن ماساكا،‏ مبارارا،‏ كاباله،‏ ماسيندي،‏ هويما،‏ فورت پورتال،‏ أروا،‏ غولو،‏ ليرا،‏ وسوروتي.‏

يقول الاخ هاردي مستعيدا ذكرياته:‏ «كانت الرحلة مشوقة والكرازة مفرحة جدا.‏ فقد تحلّى جميع من التقيناهم بالود وروح التعاون،‏ بمن فيهم السلطات المحلية.‏ وكم من مرة خلنا انفسنا نقدّم ‹خطابا عاما› بعد ان كان الجيران والمارة يتحلّقون حولنا كي يصغوا الى حديثنا مع احد اصحاب البيوت!‏ حتى عندما مررنا بمناطق ظننا انها منعزلة،‏ رأينا اناسا بشوشين يقتربون منا ويعاملوننا معاملة الضيوف اذا ما حلّوا في ديارهم.‏ علاوة على ذلك،‏ تضاءل مخزون مطبوعاتنا بسرعة بعد ان وزعنا حوالي ٥٠٠ كتاب وحصلنا على العديد من الاشتراكات في مجلتي برج المراقبة و استيقظ!‏».‏

حقا،‏ لم يكن ما تحلى به الشعب الاوغندي من ودّ وفضول واهتمام بالمسائل الدينية سوى دلالة على وجود امكانية كبيرة للنمو الروحي.‏ والاهم من ذلك كله ان الزوجين هاردي كانا فرحَين جدا بلمس بركة يهوه على عمل الكرازة في هذا الحقل الخصب.‏

يهوه ينمي

في ١٢ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٦٥،‏ شهد تاريخ شهود يهوه في أوغندا حدثا بارزا حين حظيت جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم بالاعتراف الرسمي وبات عمل التلمذة شرعيا في المنطقة.‏ وقد شكّل اخوة اوغنديون مستقيمو القلوب مثل جورج ماينديه وپيتر وأستير جيابي وآيدا سالي نواة صلبة من الشهود الاقوياء والامناء خلال ستينات القرن العشرين.‏ وبحلول عام ١٩٦٩،‏ بلغ عدد الناشرين في أوغندا ٧٥ شخصا موزّعين بين شعب عدّ آنذاك حوالي الثمانية ملايين نسمة،‏ بنسبة شاهد واحد مقابل اكثر من مئة الف شخص.‏ ثم ارتفع عدد المنادين بالملكوت في عام ١٩٧٠ الى ٩٧ ناشرا وفي عام ١٩٧١ الى ١٢٨ ناشرا.‏ وبحلول عام ١٩٧٢،‏ كان هنالك ١٦٢ شاهدا ناشطا في أوغندا.‏

رغم الزيادة المشجعة،‏ ادرك الاخوة ان قوتهم لا تكمن في اعدادهم المتزايدة بل في «اللّٰه الذي ينمي».‏ (‏١ كو ٣:‏٧‏)‏ ولكن ما لم يعرفوه هو ان سبعينات القرن العشرين كانت ستحمل معها تغييرات جذرية في حياتهم وامتحانات قاسية لإيمانهم.‏ ففي عام ١٩٧١،‏ قام الضابط عيدي امين بانقلاب عسكري وأنشأ حكما ديكتاتوريا في البلاد.‏ فانقلبت حياة الملايين رأسا على عقب وخسر الآلاف حياتهم.‏ كما تصاعدت شيئا فشيئا حدة المناوشات بين السلطة والاحزاب المناوئة لنظام الحكم الجديد.‏ فأُقفلت الحدود بين الحين والآخر وفُرض منع التجول مرة بعد اخرى.‏ وقد اختفى بعض الاشخاص دون ان يبقى لهم اي اثر،‏ في حين وُضع آخرون تحت المراقبة على مدار الساعة.‏ فكيف استطاع اخوتنا وأخواتنا المسالمون في أوغندا ان يتدبروا امورهم وسط الاضطرابات والمخاوف وأعمال العنف التي سادت البلد؟‏

‏«الحكم الالهي» ام الحكم البشري؟‏

في تلك الفترة بالذات،‏ كان يجري التخطيط لعقد محفل «الحكم الالهي» الكوري لسنة ١٩٧٢ في كامپالا،‏ وهو اول محفل من نوعه يُعقد في أوغندا.‏ وأُعدت العدة لاستقبال مندوبين من كينيا،‏ تنزانيا،‏ وإثيوبيا البعيدة.‏ فكيف كان هؤلاء سيواجهون الاجواء المشحونة بالتوتر،‏ النزاعات القبلية والسياسية المتفاقمة،‏ وعبور الحدود المشوب بالمشقات؟‏ هل وجب إلغاء المحفل؟‏ لقد صلّى الاخوة بحرارة بشأن هذه المسألة ملتمسين من يهوه ان يوجه الترتيبات والاستعدادات للمحفل وكذلك خطى المندوبين الوافدين الى البلد.‏

ولكن بدا الوضع اكثر خطورة حين وصل المندوبون الى الحدود ورأوا اعدادا هائلة من الناس تهرب من البلد.‏ فقد غادر معظمهم بأمر من السلطة يقضي بطرد كل الآسيويين الذين لم يملكوا الجنسية الاوغندية،‏ ولا سيما الهنود والباكستانيين.‏ ولاذ كثيرون بالفرار،‏ مثل الاساتذة الاجانب،‏ مخافة ان تصدر الحكومة مراسيم مماثلة تجبر المجموعات الاثنية الاخرى على الرحيل.‏ رغم كل ذلك،‏ بقي المندوبون يتوافدون الى البلد.‏ فماذا كان بانتظارهم في مدينة تغلي من شدة التوتر السياسي؟‏

تفاجأ المندوبون حين وجدوا الهدوء يعمّ كامپالا ورأوا الاخوة والمهتمين في موقع المحفل يترقبون بفرح وصول الضيوف.‏ كما استولت عليهم الدهشة عندما علموا ان السلطات سمحت للاخوة بتعليق لافتة ضخمة في اكثر الشوارع ازدحاما في كامپالا تعلن تاريخ المحفل وموقعه.‏ وفي غمرة تلك الاضطرابات التي لم يشهد لها البلد مثيلا،‏ كُتب على اللافتة بخط ثخين عنوان الخطاب العام «الحكم الالهي —‏ الرجاء الوحيد للبشر اجمعين»!‏

قدِّم البرنامج دون حدوث اية اعمال شغب وشهد ذورة حضور من ٩٣٧ شخصا،‏ ما اعتُبر معلما مهما في تاريخ العبادة الحقة في أوغندا.‏ بعد ذلك،‏ عاد المندوبون كلٌّ الى دياره سالمين ومتقدين غيرة وحماسة رغم العراقيل التي واجهوها على الحدود.‏ وهكذا استطاع شعب يهوه ان يعلن بكل جرأة ولاءه لحاكمه المتسلط على الكون وسط الفوضى السياسية المتفاقمة.‏ فقد منحه اللّٰه ‹الجرأة والقوة› في تلك الفترة الحاسمة والخطرة من تاريخ البلد.‏ —‏ مز ١٣٨:‏٣‏.‏

ومن بين الاوغنديين الذين حضروا المحفل جورج وڠرترود اوتشولا.‏ تقول ڠرترود:‏ «كانت المرة الاولى التي احضر فيها محفلا،‏ وفيه اتخذت خطوة المعمودية».‏ لكن جورج لم يكن بعد شاهدا ليهوه.‏ فقد كان يعشق كرة القدم واهتم بالمدرج مكانا للرياضة اكثر منه موقعا للمحفل.‏ غير ان سلوك زوجته الحسن ودرسه للكتاب المقدس ساعداه في نهاية المطاف ان يعتمد بالماء في كينيا عام ١٩٧٥ رمزا الى انتذاره ليهوه.‏

وتتذكر ڠرترود انها كانت بين اوائل الذين تعلموا الحق في شمال اوغندا.‏ تقول:‏ «عام ١٩٧٢،‏ السنة التي اعتمدت فيها،‏ ظننت ان المنطقة التي اعيش فيها بعيدة جدا.‏ لكنها تحوي اليوم قاعة ملكوت،‏ بيتا للمرسلين،‏ ومكتبا للترجمة ايضا.‏ وهذا الامر يشعرني بفرح كبير يفوق الفرح الذي غمرني يوم معموديتي!‏».‏

‏«وقت محفوف بالمتاعب»‏

دون سابق انذار،‏ أُعلن عبر الراديو والتلفزيون في ٨ حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٧٣ عن حظر عمل ١٢ فريقا دينيا من بينهم شهود يهوه.‏ فقد خلقت الحكومة الجديدة جوا من الخوف والشك بين الناس عندما ادعت زورا ان كل الاجانب هم جواسيس.‏ فصعُب على المرسلين اكثر فأكثر الاشتراك في الخدمة العلنية.‏ وهكذا دخل شهود يهوه في أوغندا ‹وقتا محفوفا بالمتاعب› الى اقصى الدرجات.‏ (‏٢ تي ٤:‏٢‏)‏ فماذا كان بانتظارهم؟‏

كان مرسلان قد غادرا البلد تلك السنة مع زوجتيهما بعدما رُفض طلب تمديد اقامتهما.‏ وبحلول منتصف تموز (‏يوليو)‏ طُرد المرسلون الـ‍ ١٢ الباقون.‏ اما الاخوة الاجانب الذين اتوا للخدمة حيث الحاجة اعظم فتمكنوا من البقاء في البلد بفضل عملهم الدنيوي،‏ انما ليس لفترة طويلة.‏ ففي السنة التالية،‏ أُجبروا جميعهم على الرحيل.‏

‏‹راسخون وغير متزعزعين›‏

حزن الناشرون الاوغنديون طبعا لرحيل اخوتهم وأخواتهم الاعزاء.‏ لكنهم بعون يهوه بقوا ‹راسخين وغير متزعزعين›.‏ (‏١ كو ١٥:‏٥٨‏)‏ مثلا،‏ ما ان سمع اخ مسن يدعى ارنست وامالا عن حظر عمل شهود يهوه حتى سأل:‏ «وكيف يمكنهم ان يحظروا ما في قلبي؟‏».‏ وردّ فعله هذا دليل صارخ على روح الولاء التي اتَّصف بها هؤلاء الاخوة الاوغنديون.‏

وكيف كان الشيوخ الاوغنديون،‏ مثل جورج كادو وپيتر جيابي،‏ سيتدبرون امرهم بعد ذهاب جميع الشيوخ الاجانب؟‏ بفضل عمق روحياتهم وفهمهم الحضارة المحلية،‏ تباركت الجهود التي بذلوها.‏ يوضح الاخ جيابي:‏ «كي يتبنى اوغندي الحق ويخدم يهوه،‏ يلزمه الكثير من تأديب الذات لينجح في التخلي عن العادات التي تنافي مبادئ يهوه.‏ وتأديب الذات كان ضروريا جدا للاخوة المسؤولين بشكل خاص الذين وجب عليهم الاتكال فقط على الارشادات المكتوبة التي تأتي من هيئة يهوه».‏ كما حرص الشيوخ المحليون على التعمق جيدا في درسهم الشخصي كي لا تضللهم الحكمة البشرية الخاطئة.‏ وهكذا،‏ لم يعانِ شعب يهوه انتكاسة خلال هذه الفترة العصيبة،‏ بل احرز تقدما روحيا جيدا.‏

من ناحية اخرى،‏ تفاقم الشعور بعدم الامان بين الشعب.‏ فكثيرون تعرضوا للمضايقات المستمرة وعاش البعض في رعب من الجيش.‏ كما استشرى الفساد فانهار اقتصاد البلد.‏ فهل كان خدام يهوه الامناء سيستمرون في ايجاد اسباب للفرح بعدما اثخنت الجراح هذه البقعة الرائعة من الارض؟‏

تجمعات يسودها الفرح

لم تعدم الحكومة وسيلة لقمع كل الاجتماعات السياسية التي شكلت بنظرها تهديدا لكيانها ووجودها.‏ وفي حين حافظ شهود يهوه على موقف حيادي تام،‏ إلّا انهم انصاعوا لإرشاد الكتاب المقدس ألّا يتركوا اجتماعاتهم كي يستمروا في تشجيع بعضهم بعضا.‏ (‏عب ١٠:‏٢٤،‏ ٢٥‏)‏ وقد لزمهم الكثير من الشجاعة وسعة الحيلة للمداومة على عقد الاجتماعات رغم مراقبة السلطات وارتيابها في امر الجميع.‏ فكيف استطاع خدام اللّٰه ان يجتمعوا معا دون ان يلفتوا الانظار اليهم؟‏

اولا،‏ اعادوا تنظيم معظم الاجتماعات بحيث صارت تُعقد في بيوت الاخوة ضمن فرق صغيرة.‏ وحين ارادوا الاجتماع بأعداد كبيرة تظاهروا انهم يتنزهون في الهواء الطلق.‏ على سبيل المثال،‏ رتب الاخوة ان تقوم الجماعة بكاملها بنزهة في حديقة عامة او في بستان احدهم مرة في الشهر كي تتمكن من سماع الخطاب العام وعقد درس برج المراقبة.‏ وقد نجح هذا التكتيك جدا في اوغندا حيث يألف المرء رؤية الاصدقاء او الاقرباء مجتمعين معا ليقضوا اوقاتا طيبة.‏ فكان الاخوة يحملون معهم بحذر الكتب المقدسة والمطبوعات المعدة للدرس ويأخذون كل لوازم النزهة والطعام.‏ وقد اعادت هذه الاجتماعات الى ذهنهم ايام تمتع الاسرائيليون القدماء باحتفالاتهم الدينية.‏ —‏ تث ١٦:‏١٥‏.‏

كما عُقدت طوال فترة الحظر محافل دائرية مختصرة ايضا.‏ وهكذا لم يتوقف الاخوة قط عن عقد الاجتماعات او المناداة بالبشارة رغم الجهود الحثيثة التي بذلتها الحكومة للحؤول دون ذلك.‏ حتى ان بعض الاخوة تمكنوا من حضور المحافل في نيروبي وإخبار باقي اخوتهم باختباراتهم المشجعة بعد العودة الى ديارهم.‏

‏‹حذرون كالحيات،‏ وأبرياء كالحمام›‏

رأى الاخوة المسؤولون لأسباب وجيهة ان الحظر قد لا يُنفَّذ بطريقة مشددة وأنه يمكن متابعة النشاط الثيوقراطي ان كانوا «حذرين كالحيات،‏ وأبرياء كالحمام».‏ (‏مت ١٠:‏١٦‏)‏ وهكذا باتخاذ جانب الحيطة والحذر،‏ تمّم الفاتحون الخصوصيون تعييناتهم واستمر الناشرون يخدمون من بيت الى بيت.‏

ولكن دون شك،‏ لم يسرّ الجميع برؤية الشهود يطرقون ابوابهم.‏ فذات يوم،‏ في اواسط سبعينات القرن العشرين،‏ انطلق پيتر جيابي في خدمة الحقل مصطحبا معه الحدث فْرِد نيانديه.‏ كان فْرِد لا يزال طفلا حين تعرفت امه بالحق عام ١٩٦٢،‏ غير انه امسى الآن فتى يافعا يوشك نضجه الروحي ان يوضع تحت الامتحان.‏

فبعدما قرع هو وپيتر باب احد البيوت،‏ فتح لهما رجل اتضح لاحقا انه ضابط امن يلبس ثيابا مدنية.‏ وحين علم انهما من شهود يهوه،‏ استشاط غضبا ثم اعتقلهما وأدخلهما عنوة في سيارته.‏ فانتابهما القلق وخصوصا ان آلاف الاشخاص الذين اعتُقلوا بهذه الطريقة اختفوا دون ان يبقى لهم اي اثر،‏ هذا عدا عن التعذيب الذي بات الوسيلة الشائعة في التحقيقات سواء وُجد له مبرر ام لا.‏ لذا فيما راحت السيارة تشق طريقها باتجاه مكتب الامن،‏ استغل پيتر وفْرِد الوقت وراحا يصليان الى يهوه ملتمسَين منه القوة ليحافظا على هدوئهما وأمانتهما.‏ وحين وصلت السيارة الى المكان المقصود،‏ قادهما الرجل الى الضابط الاعلى وانهال عليهما بوابل من الاسئلة والاتهامات.‏ لكنّ پيتر وفْرِد لمسا لمس اليد صحة كلمات الامثال ٢٥:‏١٥ التي تقول:‏ «بالصبر يُستمال صاحب الامر،‏ واللسان الليّن يكسر العظم».‏ لحسن التوفيق،‏ لم تُكسر اي عظام حرفية بعد ظهر ذلك اليوم.‏ بل كُسرت حدة تحامل الضابط الاعلى بعدما اوضح له پيتر بهدوء نظرة الشهود الى الخضوع للسلطات والتصاقهم بتعاليم الكتاب المقدس.‏ ولان موقفه بسبب الاحترام الذي اظهره الاخوان من خلال اجوبتهما وتصرفهما.‏ والنتيجة؟‏

لم يخلِ الضابط سبيل پيتر وفْرِد فحسب،‏ بل امر ايضا الرجل الذي القى القبض عليهما ان يعود بهما الى المقاطعة!‏ وهكذا تحوّل معتقلهما الى حارس شخصي لهما وانصاع للاوامر مكرها مذلولا.‏ اما الاخوان فشكرا يهوه لأنهما نجوَا بجلدهما.‏

لم تكن كل اللقاءات مع الشرطة مجهِدة ومتوترة الى هذا الحدّ.‏ خذ على سبيل المثال ما حدث مع ايمانويل تشاميزا الذي كان يعقد الاجتماعات سرّا في بيته في آنتيبي مع عائلته وفريق صغير من المهتمين.‏ وقد عمد هذا الاخ ايضا الى تغيير الاماكن التي ادار فيها دروس الكتاب المقدس بغية تفادي لفت الانظار.‏ ومع مرور الوقت،‏ اعتقد فعلا انه نجح في تضليل الشرطة.‏ ولكن ذات يوم،‏ بعدما انتهى من عقد احد الدروس في «حدائق آنتيبي النباتية»،‏ اقترب منه شرطي ورآه يخفي بسرعة المطبوعات عن الانظار.‏ فقال له:‏ «لمَ تخفي كتبك؟‏ نحن نعلم علم اليقين ما تفعله،‏ ونعرف ايضا انك من شهود يهوه.‏ حتى اننا نعرف اين تجتمع مع الباقين.‏ ولو رغبنا في اعتقالك لفعلنا ذلك منذ امد بعيد.‏ ولكن بإمكانك الاستمرار في نشاطك».‏ وبالفعل،‏ اكمل ايمانويل مسيرته الروحية بكل اخلاص وأمانة.‏

فحين تقاعد هذا الاخ الامين لاحقا عن عمله الدنيوي وعاد الى قريته،‏ تحمّل الكثير من المقاومة والاستهزاء.‏ فكان على غرار يسوع ‹بلا كرامة في موطنه›.‏ (‏مر ٦:‏٤‏)‏ رغم ذلك،‏ بقي وهو في اواخر سبعيناته ‹يزدهر في المشيب› ودأب على ركوب دراجته مسافة ٦٠ كيلومترا ذهابا وإيابا ليحضر الاجتماعات.‏ (‏مز ٩٢:‏١٤‏)‏ اما اليوم،‏ وقد ناهز التسعين من عمره،‏ فلا يزال يخدم بأمانة كخادم مساعد انما دون ان يتمكن من ركوب دراجته قدر ما يرغب.‏

فاتحون مثابرون

رغم جو القلق وعدم الاستقرار السائد،‏ وُجد دوما اخوة نجحوا في الاشتراك في عمل الفتح.‏ ومن الفاتحين الغيارى في تلك الايام جيمس لوويريكيرا الذي اعتمد عام ١٩٧٤.‏ فبُعيد معموديته،‏ تخلى عن وظيفته الحكومية وعمل في مجال الزراعة كي ينادي بالبشارة للقاطنين في جوار قريته الأم.‏ وقد درست زوجته الحق لفترة لكنها راحت تقاومه بضراوة مع مرور الوقت.‏

فذات يوم،‏ وقبل بزوغ الفجر،‏ انطلق جيمس وبعض الاخوة لحضور محفل كوري في نيروبي.‏ وحين توقفت السيارة عند نقطة تفتيش امنية،‏ لاحظ الاخوة امرا غريبا.‏ فقد كان جيمس على غير عادته يرتدي ثيابا غير متناسقة البتة.‏ في البداية،‏ اخذ يمزح قائلا انه لبس ثيابه في الظلمة على عجل.‏ لكنه اعترف اخيرا تحت اصرار اصدقائه ان زوجته خبأت لباسه الرسمي كي تحول دون حضوره المحفل،‏ فاضطر الى ارتداء ما وقع تحت يديه من ثياب.‏ فتأثر رفقاؤه وأعطوه بعضا من ثيابهم بحيث تمكن من حضور المحفل بلباس لائق.‏

لقد كانت المقاومة التي تعرض لها جيمس من اهل بيته والجوار تارة تقتصر على المضايقات وتارة اخرى تشتد وطأتها.‏ ومع انه قاسى الاضطهاد سنوات طويلة،‏ احتمل بوداعة وبقي امينا حتى مماته عام ٢٠٠٥.‏ ولا يزال ايمانه مضرِب مثل بين الاخوة المسيحيين وسيبقى دون ريب محفورا في ذاكرة يهوه اللّٰه.‏

‏«اخ للشدة يولد»‏

تقول الامثال ١٧:‏١٧‏:‏ «الرفيق الحقيقي يحب في كل وقت،‏ وهو اخ للشدة يولد».‏ وقد برهن الاخوة في كينيا انهم رفقاء حقيقيون خلال الشدائد والمخاطر التي تحملها الشهود الاوغنديون في سبعينات القرن العشرين.‏ فكان على النظار الجائلين وممثلي الفرع التحلي بالشجاعة ليعبروا الحدود الاوغندية ويزودوا الدعم والتشجيع لإخوتهم وأخواتهم الاعزاء.‏

في عام ١٩٧٨،‏ عمت الفوضى السياسية البلد حين اجتاحت فرقة من الجيش الاوغندي منطقة في تنزانيا.‏ فما كان من الجيش التنزاني إلّا ان اطاح بالحكومة الاوغندية في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٧٩،‏ ما ادى الى فرار الحاكم الديكتاتوري عيدي امين الذي زرع الخوف في النفوس.‏ وبعد رحيله السريع والمفاجئ،‏ شهد البلد تغييرات جمة.‏ وقد عبّر احد الاخوة قائلا:‏ «ولّى عيدي امين وولّى الحظر معه».‏ كما اعلنت أوغندا تايمز (‏بالانكليزية)‏:‏ «اهلا وسهلا بالمرسلين من جديد!‏».‏ ويا للفرح الذي عمّ شعب يهوه حين استعادوا حريتهم الدينية!‏

‏«سأذهب حتى ولو اردوني قتيلا»‏

في خضم التشويش الذي تأتى عن تغيير الحكومة،‏ تعرض البلد رغم الحرية التي استعادها لعمليات السلب والنهب.‏ فقد خيّم جو من الفوضى ادى الى انتشار السرقات وأعمال العنف الفظيعة.‏ مع ذلك،‏ رتّب الاخوة في فرع كينيا على الفور ان يزور ڠونتر راشكي وستانلي ماكومبا أوغندا ويباشرا عقد المحافل الدائرية.‏

يتذكر ڠونتر:‏ «قبل ذهابنا بأسبوعين،‏ كنا نعلّم في مدرسة للفاتحين في ميرو قرب جبل كينيا.‏ وأتذكر انني قرأت في احدى الصحف عن عمليات القتل العديدة التي تشهدها كامپالا،‏ وخصوصا في الليل.‏ وبعد قراءة احدى النبذات بصوت عالٍ،‏ هتفت:‏ ‹لا اصدق انه المكان الذي سنزوره في الاسبوع التالي!‏›.‏ لكنني فكرت:‏ ‹هل سأتصرف مثل يونان وأهرب من تعييني؟‏›.‏ عنذئذ تلاشى خوفي وقلت لنفسي:‏ ‹سأذهب حتى ولو اردوني قتيلا،‏ ولن اهرب كما فعل يونان›».‏

غادر الاخوان كما هو مخطَّط لهما.‏ فزار ستانلي الجماعات في داخل البلد فيما خدم ڠونتر في المدن الكبرى.‏ وعن الوضع السائد قالا:‏ «وجب اعادة تنظيم امور كثيرة بعد الحرب.‏ فلم يكن قد بقي في أوغندا في تلك الآونة سوى ١١٣ ناشرا نشيطا.‏ وكم ابتهج الاخوة بالاجتماع معا بحرية من جديد وعقد محفل في العراء حضره ٢٤١ شخصا!‏».‏ فرغم ان بذور الحق ديست بقوة خلال الحرب،‏ بدا جليا انها لا تزال قادرة على انتاج ثمر وفير.‏

ازمنة محفوفة بالمخاطر

حين حطّ الاخوان ڠونتر وستانلي رحالهما في مْباله قرب الحدود الشرقية لأوغندا،‏ ركنا السيارة امام بيت مضيفهما.‏ فسمعا خلال الليل لصوصا ينزعون قطعا من السيارة.‏ ولما اوشك ڠونتر ان يصيح بهم،‏ تذكر حادثة وقعت في مستهل ذلك الاسبوع اطلق فيها قطّاع الطرق النار على احد الاشخاص وقتلوه لأنه حاول منعهم عن السرقة.‏ كما ادرك ان قيمة السيارة لا تضاهي بتاتا قيمة الحياة،‏ فقرر ألّا يحرك ساكنا.‏ وحين بزغ الفجر،‏ اكتشف الاخوان ان اللصوص سرقوا اطارين وزجاج السيارة الامامي.‏ وحين اعلموا الشرطة بما حدث،‏ قالت لهم:‏ «خذا السيارة بعيدا قبل ان يعود اللصوص ويستولوا على المزيد من القطع».‏

لذا انطلق الاخوان الى كامپالا في اسرع وقت ممكن.‏ لكنّ رحلتهما هذه لم تكن مريحة على الاطلاق.‏ فقد قطعا مسافة ٢٥٠ كيلومترا دون زجاج امامي،‏ ولم يكن في حوزتهما ما يقيهما الهواء والمطر سوى قبعة لستانلي وبطانية لڠونتر.‏ وكانا قد استخدما الاطار الاحتياطي واستعارا واحدا يسرّب الهواء كي يستبدلا الاطارين المسروقين.‏ وما زاد الطين بلة هو انهما أُعطيا مهلة يومين فقط لإعادة الاطار المستعار!‏ وهكذا حبس الاخوان انفاسهما آملَين ألّا يفرغ الاطار من الهواء حتى يصلا الى وجهتهما.‏

ولم تتوقف التعقيدات عند هذا الحدّ.‏ فقد لزم ان يجتاز ڠونتر وستانلي طريقا في الغابة يتغلغل فيها اللصوص.‏ فما كان منهما إلّا ان عملا بنصيحة مضيفهما الذي قال لهما:‏ «قودا السيارة بسرعة ولا تدعا احدا يسبقكما».‏ ويا للفرح الغامر الذي شعرا به حين وصلا اخيرا الى كامپالا سالمَين!‏ وإذ قطعا المسافة في فترة قياسية،‏ بات لديهما ما يكفي من الوقت ليجدا احدا يعيد الاطار المستعار الى مْباله.‏

تحديات وفرص جديدة

عام ١٩٨٠،‏ فيما كان الاخ ڠونتر راشكي يزور المركز الرئيسي العالمي في بروكلين بنيويورك،‏ طُلب منه ان يقدّم تقريرا لعائلة بيت ايل حول التطورات في أوغندا.‏ وفي وقت لاحق،‏ عبّر اعضاء من الهيئة الحاكمة عن املهم بعودة المرسلين مجددا الى هناك.‏ فوافق الجميع ان الوقت حان دون شك لاستئناف النشاط الارسالي في تلك البقاع.‏ فالتجمعات الكبيرة صارت ممكنة،‏ كما ان عدد الناشرين كان قد ارتفع مرة اخرى بحلول عام ١٩٨١ ليبلغ ١٧٥ شخصا.‏ وفي الواقع،‏ فرحت أوغندا بتسجيل ذروة جديدة من ٢٠٦ ناشرين في شهر تموز (‏يوليو)‏ من تلك السنة عينها.‏

لكنّ المؤسف ان القتال الذي دام عشر سنوات ادّى الى وقوع الاسلحة والذخائر التي خلّفتها الحرب في ايدي اناس عديمي الضمير لا يردعهم رادع.‏ فشاعت عمليات القتل والسرقة العشوائية بشكل خطير.‏ لذا توخى اخوتنا الحذر فيما سعوا الى المناداة بالبشارة وتوزيع مطبوعاتنا المعزية المؤسسة على الكتاب المقدس في كل انحاء المقاطعة.‏ فبلغ التوزيع في تموز (‏يوليو)‏ ما معدله ٥‏,١٢ مجلة لكل ناشر.‏ من جهة اخرى،‏ اقتضت الحكمة ان تتم خدمة الحقل في وضح النهار،‏ شأنها في ذلك شأن النشاطات الاخرى،‏ وذلك تفاديا للاعتداءات التي تفاقم خطرها ليلا.‏ ولكن رغم كل هذه المخاطر،‏ بدت امكانية النمو واضحة وضوح الشمس.‏

المرسلون يرحَّب بهم من جديد

اتى خريجا جلعاد جفري ولش وآري پالڤيانن من كينيا الى كامپالا في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٨٢.‏ وقد تمتع جف وآري،‏ كما باتا يُعرفان،‏ بنتائج سارة منذ بداية خدمتهما.‏ يتذكر جف:‏ «ابدى الناس في تلك الايام عطشا الى الامور الروحية،‏ لذا وزعنا بسهولة مجلاتنا التي تتميز بمواضيعها الشيقة».‏

وفي كانون الاول (‏ديسمبر)‏،‏ اتى هاينتس وماريان ڤيرتهولتس من مدرسة جلعاد الفرعية في ڤيسبادن بألمانيا وانضما الى جف وآري.‏ فتأثرا جدا منذ الوهلة الاولى بنمو اعداد اخوتهم الاوغنديين في بلد متضرر ومحفوف بالمخاطر.‏

يتذكر هاينتس:‏ «كانت شبكات المياه ووسائل الاتصال معطّلة.‏ ولم يفقد التوتر السياسي من زخمه.‏ فأكثر من مرة،‏ تناهت الى مسامعنا اشاعات عن حدوث انقلاب،‏ هذا عدا عن حواجز الجيش التي انتشرت في الطرقات.‏ كما تفشت في البلد عمليات القتل والسلب وخصوصا في الليل.‏ لذا ما ان يحل الظلام حتى تقفر الشوارع وتخلو من كل عابر سبيل.‏ فيقبع الناس في بيوتهم آملين،‏ ومتضرعين في اغلب الاحيان،‏ ان يمضي الليل بسلام دون ان يتلقوا زيارة غير مرغوب فيها».‏

فيما كان هاينتس وماريان يبحثان عن منزل ليستخدماه بيتا للمرسلين،‏ دُعيا الى الاقامة مع سام وَييسوا وعائلته.‏ وكان سام استاذا متمرسا حدّت الحالة الاقتصادية كثيرا من موارده المالية.‏ وهذا ما جعل روح الضيافة التي اعرب عنها هو وعائلته لافتة للنظر حقا.‏

يقول هاينتس:‏ «صعب ايجاد منزل في منطقة آمنة،‏ لذا اضطررنا ان نبقى عند سام خمسة اشهر،‏ ما عمّق معرفتنا واحدنا بالآخر.‏ احيانا لم تتوفر لعائلته الكبيرة سوى وجبة واحدة في اليوم،‏ رغم ذلك لم تفارقهم السعادة.‏ كما كان اولاده مثالا في الطاعة والاحترام.‏ وقد اعتادوا بسبب افتقار المدينة الى شبكة مياه فعالة ان يحملوا على رؤوسهم غالونات پلاستيكية ملأى بالماء سعة الواحد منها ٢٠ لترا.‏ فكنا كلما عدنا من خدمتنا الى البيت نجد الماء العذب في انتظارنا.‏ لكننا تعلمنا بالطبع ان نقتصد في المياه،‏ بحيث صرنا نستحم ببضعة لترات فقط ونضع المياه المستعملة في حوض لرميها في المراحيض عند الضرورة».‏

في نيسان (‏ابريل)‏ ١٩٨٣،‏ بعد عشر سنوات تقريبا من ترحيل المرسلين الاوائل من البلد،‏ وجد المرسلون الاربعة الجدد منزلا في منطقة آمنة نسبيا.‏ وقد واجهوا تحديات كثيرة بسبب ندرة المؤن وعدم الاستقرار الامني،‏ غير ان محبة الاخوة المحليين الشديدة عوّضت الى حد بعيد عن هذه الظروف غير المؤاتية.‏

توضح ماريان:‏ «لطالما تمتعنا بنقل البشارة الى الناس في أوغندا.‏ فقد كانوا متدينين،‏ يمتلكون في الغالب الكتاب المقدس،‏ ومستعدين للنقاش.‏ كما كان من السهل جدا التقرب اليهم لِما اعربوا عنه من لباقة وتهذيب.‏ اضف الى ذلك ان ابتسامة الفرح لم تفارق محياهم رغم الظروف الاقتصادية الرديئة وغيرها من الشدائد التي كانوا يقاسونها».‏

كبار السن يرغبون في فعل المزيد

كثيرون من المسنين الذين يجلّهم المجتمع الاوغندي يتجاوبون مع البشارة ويستغلون سنوات الشَّيب في خدمة يهوه.‏ مثلا،‏ تعرّف الاستاذ المتقاعد پولو موكاسا بالحق وهو بعمر ٨٩ سنة.‏ فبعدما شهد الحربين العالميتين،‏ النظام الاستعماري،‏ الحكم الديكتاتوري العنيف،‏ وغيرها من التقلبات السياسية تملكته رغبة متقدة في التعلُّم عن ملكوت اللّٰه.‏ وقد شعر بفرح غامر حين اكتشف ان الملك المسياني،‏ يسوع المسيح،‏ ‹سينقذ الفقير والبائس من الجور والعنف›.‏ —‏ مز ٧٢:‏١٢،‏ ١٤‏.‏

وبعد مضي سنتين تأهل پولو للمعمودية.‏ فتساءل الاخوة هل يُعقل ان يغطِّسوا في المياه انسانا مسنّا الى هذا الحدّ.‏ لكنّ قلقهم لم يكن في محله.‏ ففي حين خشي فتى مرشح للمعمودية من المياه،‏ لم تفارق الابتسامة وجه پولو وهو يعتمد رغم سنواته الواحدة والتسعين.‏ صحيح ان عمره هذا حدّ نوعا ما من نشاطه الكرازي،‏ إلّا انه بقي يبشّر بغيرة كل من يزوره حتى وافته المنية بعد بضع سنوات.‏

اضطرت لوڤينسا ناكاييما ان تواجه هي الاخرى مشكلة تقدّمها في السن وكذلك صحتها المتردية.‏ فقد ادى المرض الى تورّم ساقيها كثيرا بحيث باتت بحاجة الى المساعدة كلما ارادت الذهاب الى مكان ما.‏ رغم ذلك،‏ حين جرى حث الاخوة في الاجتماع على الانخراط في الفتح الاضافي شهرا واحدا اثناء موسم الذِّكرى،‏ رغبت في تلبية النداء.‏ فدعمها الاخوة بعقد دروس المهتمين في منزلها.‏ كما علّمها المرسلون ان تكتب رسائل الى اهل القرى،‏ امر استطاعت القيام به متى شاءت.‏ اما ايام السبت فكان شيخ يصطحبها الى ساحة عامة مكتظة بالناس في كامپالا،‏ فتجلس هناك مرتاحة على حائط منخفض وتشهد للمارة اليوم بكامله.‏ وهكذا عند نهاية الشهر،‏ عبّرت لوڤينسا عن فرحها واكتفائها قائلة:‏ «تيقنت الآن انني قادرة على خدمة الفتح،‏ حتى اني تمتعت بها كثيرا!‏».‏ لذا لم تكتفِ لوڤينسا بخدمة الفتح شهرا واحدا،‏ بل دأبت على ذلك ١١ شهرا متتاليا بفضل مؤازرة اخوتها المحبين.‏

‏«كيف تقول .‏ .‏ .‏؟‏»‏

خلال ثمانينات القرن العشرين،‏ استقبل الناشرون الاوغنديون الغيارى بالترحاب وفود المرسلين الحماسيين الذين تدفقوا الى البلد بشكل مطّرد.‏ وكان البعض منهم قد تخرج حديثا من جلعاد في حين اضطر البعض الآخر الى التخلي عن تعيينه الارسالي في زائير (‏الآن جمهورية الكونغو الديموقراطية)‏.‏ وقد ساهم ازدياد عدد المرسلين في كامپالا وجنجا في تغطية المقاطعات المكتظة بالناس تغطية اشمل،‏ ما ادخل الغبطة الى قلوب المرسلين الذين اكتشفوا في أوغندا حقلا ناضجا للحصاد.‏ لكنّ التحدي الحقيقي لم يكن ايجاد اهتمام بالحق بل تنميته.‏

تاق ماتس هولمكڤيست،‏ وقد امتلأ زخما من اشهر التدريب في جلعاد،‏ الى اتقان اللغة المحلية بغية تعزيز اهتمام الناس بالحق.‏ وكان فْرِد نيانديه بحلول ذلك الوقت قد اصبح فاتحا خصوصيا في آنتيبي.‏ فراح يستغل مهاراته في الترجمة ليعلّم المرسلين الجدد اللوغندية،‏ لغة زاخرة بكلمات وعبارات يصعب التلفظ بها.‏ وقد كادت عزيمة ماتس ان تخور وهو يحاول الالمام بهذه اللغة الجديدة.‏

فذات يوم سأل خلال احد الصفوف الاولى لتعليم اللغة:‏ «كيف تقول ‹ملكوت اللّٰه› باللوغندية؟‏».‏

فأجابه فْرِد بتنغيم:‏ «أوبْواكاباكا بوا كاتوندا».‏

فندم على اللحظة التي طرح فيها السؤال وفكر في نفسه:‏ ‹يا لها من لغة غريبة!‏ لن انجح ابدا في تعلّمها›.‏ لكنّ ماتس احرز تقدما ملحوظا وبات يتكلم اللوغندية بطلاقة.‏

عمل التجميع يمضي قدما

رغم الشدائد التي ابتلت أوغندا طوال معظم ثمانينات القرن العشرين،‏ تجاوب الناس مع حق الكتاب المقدس بشكل مذهل.‏ فقد ارتفع عدد الناشرين سريعا بنسبة تجاوزت ١٣٠ في المئة،‏ اذ قفز عددهم من ٣٢٨ ناشرا في عام ١٩٨٦ الى ٧٦٦ في عام ١٩٩٠.‏ وراحت فرق جديدة تتشكل في كل انحاء البلد.‏ وفي كامپالا،‏ تضاعف عدد الجماعات.‏ كما فرحت الجماعة في جنجا برؤية عدد ناشريها يزداد اكثر من ثلاثة اضعاف،‏ في حين نما الفريق في ايڠانڠا بسرعة ليصبح جماعة مزدهرة.‏

يتذكر احد الشيوخ في جنجا:‏ «كان النمو سريعا جدا بحيث رحنا نتساءل من اين اتى كل هؤلاء الناشرين الجدد.‏ حتى اننا صرنا خلال فترة من الفترات نحدد وقتا كل ايام الآحاد تقريبا لنجتمع بالذين يرغبون في الصيرورة ناشرين غير معتمدين».‏

حقل اكبر مهيأ للحصاد

احد العوامل التي ساهمت في النمو الروحي الهائل هو روح الفتح الذي تحلّى به الاخوة.‏ فالخدام كامل الوقت الاوغنديون حذوا حذو المبشرين في القرن الاول بولس وسيلا وتيموثاوس،‏ ‹وقدّموا انفسهم مثالا يقتدى به›.‏ (‏٢ تس ٣:‏٩‏)‏ لذا تلبية للحاجة المتزايدة في الحقل واحتذاء بمثال هؤلاء الخدام،‏ اندفع كثيرون من الناشرين الغيورين الى توسيع خدمتهم والانضمام الى صفوف الفاتحين النشاطى سواء كانوا صغارا ام كبارا،‏ عزابا ام متزوجين،‏ ذكورا ام اناثا.‏ حتى الذين يتولون مسؤولية اعالة عائلاتهم لم يتقاعسوا عن اتخاذ هذه الخطوة.‏ وهكذا شارك كمعدل اكثر من ٢٥ في المئة من مجموع الناشرين في شكل من اشكال خدمة الفتح خلال اواخر ثمانينات القرن العشرين.‏ وقد تمكن البعض من الاستمرار في الخدمة كامل الوقت حتى يومنا هذا.‏

دعم هؤلاء الفاتحون بكل طوعية حملات التبشير السنوية الخصوصية التي دُعيت حملات مقدونية.‏ (‏اع ١٦:‏٩،‏ ١٠‏)‏ ولا تزال حملات كهذه مستمرة.‏ فالجماعات تكرز مدة تصل الى ثلاثة اشهر تقريبا في مقاطعات غير معينة او تُخدم نادرا.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ يعيَّن بعض الفاتحين العاديين كفاتحين خصوصيين مؤقتين في المقاطعات حيث الحاجة اعظم.‏ وتأتي النتائج مشجعة جدا.‏ فكثيرون من الاشخاص المخلصين يعبّرون عن تقديرهم لهذه الحملات التي عرّفتهم بالحق،‏ وتتشكل العديد من الفرق والجماعات الجديدة.‏

في احدى هذه الحملات،‏ كرز المرسلان پيتر أبراموڤ ومايكل رايس في مدينة كاباله والتقيا مارڠريت توفايو التي سبق لها ان درست الكتاب المقدس.‏ وبما انها اقتنعت ان ما تعلمته هو الحق،‏ راحت مذاك تبشر بطريقة غير رسمية.‏ ولما رغب المرسلان في مساعدتها قدر الامكان،‏ اعطياها نسختهما الوحيدة من كتاب المباحثة من الاسفار المقدسة.‏ وقبل رحيلهما،‏ قاما بزيارة اخيرة لها.‏ فتفاجآ بالوجبة التي خصَّتهما بها وتأثّرا جدا بلطفها وكرمها.‏ الا انهما شعرا بالحزن حين ادركا انها طبخت دجاجتها الوحيدة التي كانت هي وعائلتها يعتمدون على بيضها في غذائهم الشحيح.‏ لكنها قالت لهما:‏ «لا تقلقا،‏ فما قدّمته لكما في هذه الوجبة لا يضاهي ما اعطيتماني اياه خلال زيارتكما».‏ وقد اعتمدت مارڠريت في نهاية المطاف واستمرت تكرز بغيرة حتى مماتها.‏

ويمكن ان يُعزى النمو السريع ايضا الى الطريقة التي استخدم بها الاخوة المطبوعات الرائعة.‏ يقول ماتس المذكور آنفا:‏ «رغم اننا نحاول ان نحسن مهاراتنا كمعلمين،‏ فإن ما يؤثر حقا في الناس ويدفعهم الى صنع تغييرات في حياتهم هو الكتاب المقدس والمطبوعات.‏ فكراساتنا العملية والفعالة تمسّ قلوب المتعطشين الى الحق حتى لو لم يكونوا يجيدون القراءة».‏

الوقوف في وجه العقبات

لم يخلُ التقدم الرائع الذي شهدته اواخر ثمانينات القرن العشرين من المصاعب والمشقات.‏ فمرة اخرى،‏ حدث انقلاب عسكري في تموز (‏يوليو)‏ ١٩٨٥ وسقط الحكم في يد الجيش.‏ فتدهور الوضع الامني كما في السابق،‏ واشتدت حرب العصابات.‏ وراحت الفرق الهاربة تسلب الممتلكات وتقتل الناس بشكل عشوائي.‏ وفي فترة من الفترات،‏ احتدم الصراع في جنجا في محيط المنطقة التي يسكنها المرسلون.‏ فأغار الجنود يوما على منزلهم،‏ لكنهم حين عرفوا هوية المرسلين لم يقوموا بأي اعمال تخريب او يحملوا معهم اشياء قيمة.‏ ثم في كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٨٦،‏ تبوأت حكومة اخرى السلطة وعملت جاهدة كي تعيد بعض الاستقرار الى البلد.‏

لكنّ الحكومة الجديدة ما لبثت ان واجهت خصما جديدا احكم قبضته على البلد،‏ ألا وهو الأيدز.‏ فحين تفشى الوباء خلال ثمانينات القرن العشرين،‏ كانت أوغندا احدى الدول التي نالت منه النصيب الاكبر.‏ فقد حصد المرض بحسب التقديرات حياة مليون شخص تقريبا،‏ ما يفوق على الارجح عدد الذين لقوا حتفهم خلال ١٥ سنة من الاضطراب السياسي والحرب الاهلية.‏ فكيف اثّر هذا الوباء في اخوتنا؟‏

يوضح فاتح عادي يدعى واشنطن سنتونڠو:‏ «لقد قضى الأيدز على بعض الاخوة والاخوات الجدد الذين تبنوا الحق بغيرة وزخم شديدين.‏ فكانوا قد أُصيبوا بالفيروس المميت قبل ان يتعلموا الحق».‏ كما انتقلت العدوى الى البعض الآخر بواسطة رفقاء زواجهم.‏

يقول واشنطن:‏ «احيانا لم يمر شهر دون ان يصلنا خبر وفاة شخص نعرفه ونحبه.‏ وكان الجميع يخسرون اعضاء من عائلتهم.‏ اضافة الى ذلك،‏ انتشرت الخرافات والاقاويل حول الأيدز.‏ فكثيرون ربطوه بالسحر واللعنات.‏ وقد أدّت هذه النظرة الخاطئة الى هيمنة الخوف على الناس،‏ اثارة التحامل غير المبرر،‏ وإضعاف القدرة على التفكير المنطقي».‏ لكنّ اخوتنا وأخواتنا عزّوا واحدهم الآخر برجاء القيامة وبالاعراب عن محبتهم المسيحية الاصيلة.‏

حين اشرفت ثمانينات القرن العشرين على نهايتها،‏ ساد في أوغندا جو من التفاؤل.‏ فقد عادت البلاد تنعم بالاستقرار الامني،‏ وراح الاقتصاد يسترد عافيته.‏ كما تحسّنت البُنى التحتية وبوشر العمل بالبرامج الاجتماعية او أُضفيت تعديلات على القديمة منها.‏

وفيما اخذ الناس يصبّون اهتمامهم اكثر فأكثر على المثل السياسية العليا،‏ أُحيطت احيانا مسألة حياد شهود يهوه بعلامات استفهام.‏ لذا اوقفت السلطات ذات مرة بناء قاعة ملكوت بشكل اعتباطي.‏ كما رفضت منح اذن بعقد بعض المحافل،‏ واضطر بعض المرسلين الى مغادرة البلد عند انتهاء رخص اقامتهم.‏ وبحلول نهاية عام ١٩٩١،‏ لم يبق سوى اخوين مرسلين.‏ فأية خطوة قام بها الاخوة في محاولة لتحسين الوضع؟‏

تمكّن وفد منهم في آخر الامر من مقابلة بعض المسؤولين الحكوميين لتوضيح موقف الحياد الذي يتخذه الشهود.‏ وما ان ادرك هؤلاء حقيقة المسألة حتى اذنوا للمرسلين بالعودة الى أوغندا.‏ فسار العمل على قدم وساق،‏ وفرحت أوغندا في عام ١٩٩٣ بعدد الناشرين الذي بلغ ٠٠٠‏,١ شخص.‏ ولم تمضِ خمس سنوات حتى بلغ العدد ٠٠٠‏,٢ ناشر للملكوت.‏ واليوم هنالك حوالي ٤٠ مرسلا يبلون بلاء حسنا في كل انحاء البلد.‏

الترجمة تسرّع عمل التجميع

يشيع استخدام اللغة الانكليزية في كل انحاء البلاد.‏ لكنّ اللوغندية هي اللغة المحلية الاكثر استعمالا،‏ مقارنة بما يزيد عن ٣٠ لغة اخرى تنطق بها مختلف الفرق الاثنية.‏ لذلك ساهم التقدم في عمل الترجمة مساهمة فعالة في تسريع النمو الذي شهدته أوغندا مؤخرا.‏

يقول فْرِد نيانديه:‏ «رغم ان امي كانت شاهدة امينة،‏ صار للاجتماعات وقع اكبر في نفسها بعدما ترجمتُ مقالات الدرس من الانكليزية الى اللوغندية.‏ ولكن ما لم ادركه هو اني كنت انال تدريبا لعمل اضخم بكثير في حقل الترجمة».‏ فماذا عنى فْرِد بكلماته هذه؟‏

بُعيد ابتداء فْرِد بخدمة الفتح عام ١٩٨٤،‏ طُلب منه ان يعطي المرسلين مقررا في اللغة اللوغندية.‏ وفي السنة التالية،‏ دُعي لينضم الى فريق الترجمة بتلك اللغة.‏ في البداية،‏ تمّم هو وغيره من المترجمين تعيينهم في منازلهم في اوقات فراغهم.‏ ولكن لاحقا،‏ عمل اعضاء فريق الترجمة معا بدوام كامل في غرفة صغيرة ملحقة بأحد بيوت المرسلين.‏ واللافت للاهتمام ان بعض اعداد برج المراقبة كانت قد تُرجمت الى اللوغندية ونُسخت اثناء فترة الحظر في اواسط سبعينات القرن العشرين.‏ لكنّ عمل الترجمة هذا توقف بعد فترة قصيرة،‏ ولم يُستأنف اصدار مجلة برج المراقبة باللوغندية حتى عام ١٩٨٧.‏ وقد كبر فريق الترجمة مذاك واجتهد اعضاؤه لترجمة المزيد والمزيد من المطبوعات،‏ وذلك من اجل فائدة الاعداد المتنامية من الجماعات الناطقة باللوغندية.‏ واليوم ينطق بهذه اللغة حوالي نصف الجماعات في أوغندا.‏

ومع مرور الوقت،‏ صارت مطبوعاتنا تُنقل الى لغات اخرى ايضا.‏ وهنالك اليوم فرق دائمة تعمل دواما كاملا في ترجمة المطبوعات الى الأتشولي،‏ الرونيانكورية،‏ واللوكونزو.‏ بالاضافة الى ذلك،‏ تُترجم بعض المطبوعات الى الأتيسو،‏ الروتورو،‏ اللوڠبارا،‏ والمادِية.‏

ويعمل فريقا الترجمة الى الأتشولي والرونيانكورية في مدينتي غولو ومبارارا على التوالي.‏ وهكذا يترجم الاخوة في المنطقة التي تشيع فيها اللغة،‏ ما يساعدهم ان يحافظوا على لغتهم الام وينتجوا ترجمة يسهل فهمها.‏ وفي الوقت عينه،‏ تتمتع الجماعات المحلية بدعمهم.‏

لا شك ان عمل الترجمة يتطلب جهدا دؤوبا والكثير من الموارد المالية.‏ ويستفيد المترجمون الاوغنديون المثابرون،‏ شأنهم في ذلك شأن باقي فرق الترجمة في العالم،‏ من تدريب قيِّم الهدف منه تحسين فهمهم للغة وصقل مهاراتهم في الترجمة.‏ وتظهر النتائج السارة ان الامر يستحق العناء والكلفة.‏ فالمزيد من الاوغنديين الآتين من مختلف «القبائل والشعوب والألسنة» يستفيدون اكثر من اي وقت مضى من قراءة حقائق الكتاب المقدس بلغتهم الخاصة.‏ (‏رؤ ٧:‏٩،‏ ١٠‏)‏ وهكذا،‏ بحلول عام ٢٠٠٣،‏ بلغ عدد ناشري الملكوت في أوغندا اكثر من ٠٠٠‏,٣ شخص.‏ وبعد ثلاث سنوات فقط،‏ اي في عام ٢٠٠٦،‏ قفز العدد الى ٠٠٥‏,٤ ناشرين.‏

الحاجة الى مزيد من اماكن العبادة

اعتاد الاخوة في السنوات الباكرة ان يجتمعوا معا في المنازل،‏ المراكز الاجتماعية،‏ وغرف المدارس.‏ وأول مبنيَين استُخدما حصرًا للاجتماعات المسيحية شُيّدا من الطين والقش في قريتي ناماينڠو وروسيسي.‏ وقد بوركت المبادرات والجهود التي قام بها الاخوة في هاتين المنطقتين الريفيتين بشكل جلي،‏ وترسخت الجماعتان فيهما.‏

لكنّ تشييد مبنى في المدينة،‏ حتى ولو كان بسيطا،‏ اعتُبر استثمارا مكلفا جدا.‏ وبدا الامل بحيازة قاعات ملكوت بعيد المنال بسبب الحالة الاقتصادية المتردية في البلد.‏ ولكن في آذار (‏مارس)‏ ١٩٨٨،‏ دشِّنت اخيرا اول قاعة ملكوت دائمة في جنجا.‏ ويا للجهد الكبير الذي تطلبه تشييد هذه القاعة،‏ بدءا من قَطع الاشجار في احدى الغابات المجاورة الى نقل الجذوع بالشاحنات على الطرقات الموحلة واستخدامها في البناء اخيرا!‏ ولاحقا،‏ بادر الاخوة في مْباله،‏ كامپالا،‏ وتورورو ايضا الى انشاء قاعات ملكوت معتمدين على مهاراتهم وخبراتهم.‏

في عام ١٩٩٩،‏ انطلق عمل بناء قاعات الملكوت بزخم كبير حين تأسس فريق لبناء القاعات بدعم من مكتب الهندسة الاقليمي في فرع جنوب افريقيا.‏ فقد عين الفرع طاقما من تسعة اشخاص ضمّ خادمَين امميَّين مع زوجتيهما.‏ وقد تعلم هذا الطاقم المتحمس المهنة بسرعة وتمكن من تدريب الاخوة المحليّين.‏ اثر هذا الاندفاع الشديد،‏ أُكمل بناء ٦٧ قاعة استغرق تشييد كل واحدة منها كمعدل شهرا ونصفا،‏ ما يُعدّ سرعة قياسية نظرا الى قلة المعدات الكهربائية،‏ ندرة المياه بشكل عام،‏ وعدم الدقة في برنامج تسليم مواد البناء.‏

واليوم تتمتع معظم الجماعات في أوغندا بعقد اجتماعاتها في قاعات ملكوت خاصة بها،‏ ويلمس الاخوة فوائد وجود قاعة في منطقتهم.‏ فالناس المهتمون يفضلون ارتياد مكان لائق للعبادة عوض الذهاب الى غرفة في احدى المدارس.‏ لذلك ارتفع عدد الحضور ارتفاعا كبيرا وشهدت الجماعات نموا سريعا.‏

التأقلم مع التوسُّع السريع

شكل النمو المذهل الذي شهدته الجماعات ضغطا كبيرا على الاماكن المخصصة للمحافل بسبب عددها المحدود.‏ فماذا كان في وسع الاخوة فعله لإيجاد اماكن ملائمة توفّر عليهم السفر مسافات طويلة،‏ وخصوصا حين يفدون من المناطق الريفية؟‏ فرح الاخوة حين سُمح لهم ببناء قاعات قابلة للتوسيع،‏ وهي عبارة عن قاعات ملكوت عادية الحجم يُضاف اليها من الخلف قسم في الهواء الطلق مزود فقط بسقف وأرضية.‏ وهكذا عند عقد المحافل،‏ يُفتح الحائط الخلفي للقاعة كي يستوعب المكان المسقوف اعداد الحضور الاضافية.‏ وقد انتهى بناء قاعتين من هذا الطراز في كاجانسي وروسيسي وليرا،‏ والرابعة هي في طور الانشاء في سيتا.‏

من جهة اخرى،‏ اقتضى النمو الروحي الذي باركه يهوه في أوغندا اجراء بعض التعديلات على المسائل التنظيمية.‏ فقبل عام ١٩٩٤،‏ لم يكن هنالك في البلد كله سوى دائرة واحدة.‏ لذا تشكلت في وقت لاحق دوائر اضافية للاهتمام بالاعداد المتزايدة من الجماعات والفرق ولتلبية التنوع في اللغات.‏ واليوم يوجد في أوغندا ثماني دوائر تنطق ثلاث منها باللوغندية،‏ وهي تضم ١١١ جماعة وحوالي ٥٠ فريقا.‏

عام ١٩٧٢،‏ اعتمد أپولّو موكاسا الذي يخدم ناظر دائرة في أوغندا،‏ وانخرط عام ١٩٨٠ في الخدمة كامل الوقت عوض ان يحصّل تعليما عاليا.‏ فهل ندم على قراره هذا؟‏

يقول أپولّو:‏ «كلا على الاطلاق.‏ فقد حصدت الكثير من الاختبارات المفرحة اثناء خدمتي كفاتح خصوصي وناظر جائل يزور الجماعات،‏ والفرق في الايام الباكرة.‏ وسررت بشكل خاص بالتدريب الروحي والتنظيمي المتقدم الذي نلته في مدرسة تدريب الخدام».‏

ومثل أپولّو،‏ تلقّى اكثر من ٥٠ اخا من أوغندا منذ عام ١٩٩٤ تعليما قيِّما في مدرسة تدريب الخدام التي عُقدت صفوفها الاولى في فرع كينيا.‏ وكثيرون من هؤلاء الاخوة الطوعيين يخدمون كفاتحين خصوصيين في الجماعات والفرق الصغيرة ويمدّونها بدعمهم الفعال،‏ في حين يخدم البعض الآخر اخوتهم وأخواتهم كنظار جائلين.‏

عام ١٩٩٥،‏ عيِّنت لجنة بلد في أوغندا تخدم تحت اشراف فرع كينيا.‏ وصار احد بيوت المرسلين في كامپالا مسكنا لعائلة صغيرة من ثمانية متطوعين يخدمون كامل الوقت،‏ من بينهم فريق الترجمة باللوغندية.‏ وفي ايلول (‏سبتمبر)‏ ٢٠٠٣،‏ تأسس فرع في أوغندا.‏

‏«نحن الآن في الفردوس»‏

طوال فترة من الوقت،‏ كانت لجنة البلد تحاول مجاراة نمو فرق الترجمة والاهتمام بالاعمال المكتبية المتزايدة.‏ لهذا الغرض،‏ ابتيع مبنيان ملاصقان للمكتب في كامپالا.‏ ولكن نشأت لاحقا حاجة الى منشآت اكبر لتلبية وتنظيم التوسع المستمر.‏ لذا في عام ٢٠٠١،‏ وافقت الهيئة الحاكمة على شراء قطعة ارض مساحتها ٤ هكتارات في ضواحي كامپالا بالقرب من شاطئ بحيرة فيكتوريا كي تؤسَّس عليها مرافق الفرع الجديدة.‏

في البداية،‏ رفضت افضل شركة بناء مجهزة لإتمام المشروع تلبية طلب الاخوة لأنها كانت منشغلة في مشاريع اخرى.‏ لكنها فجأة غيرت رأيها،‏ والاغرب انها قدمت عرضا لبناء الفرع الجديد بأدنى الاسعار.‏ فعلى ما يبدو،‏ كانت قد خسرت عقدا ضخما،‏ ما حثّها ان توافق على الشروع في البناء في اقرب وقت ممكن.‏

في كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٠٠٦،‏ فرحت عائلة بيت ايل بالانتقال الى مسكنها الجديد والجميل المؤلف من طابقين و ٣٢ غرفة.‏ وقد ضم المجمّع مبنى للمكاتب،‏ صالة طعام رحبة،‏ مطبخا،‏ ومغسلا.‏ كما زوِّد المكان بنظام صرف غير مضر بالبيئة،‏ واحتوى مستودعا تابعا لقسمَي المطبوعات والشحن،‏ وكذلك أبنية فيها مشغل للصيانة،‏ خزانات للمياه،‏ ومولد كهربائي.‏ قال احد الاخوة بحماس:‏ «نحن الآن في الفردوس،‏ ولا تنقصنا سوى الحياة الابدية!‏».‏ وقد ألقى انطوني موريس،‏ عضو في الهيئة الحاكمة،‏ خطاب التدشين يوم السبت في ٢٠ كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٠٠٧.‏

المعرفة الحقة تزداد

اثناء العقود الاخيرة،‏ في اوقات الاضطراب وفي اوقات السّلم،‏ تعلّم شهود يهوه في أوغندا ما يعنيه ان ‹يكرزوا بالكلمة في وقت مؤات وفي وقت محفوف بالمتاعب›.‏ (‏٢ تي ٤:‏٢‏)‏ وقد فرح الناشرون عام ٢٠٠٨ بإدارة ٥٦٤‏,١١ درسا في الكتاب المقدس وبعدد الحضور في ذكرى موت المسيح الذي عدّ ٦٤٤‏,١٦ شخصا.‏ اما هم فوصل عددهم في تلك السنة الى ٧٦٦‏,٤ ناشرا،‏ اي بنسبة واحد لكل ٢٧٦‏,٦ من السكان.‏ وكل هذه الارقام ليست سوى دليل صارخ على ان الحقول في أوغندا لا تزال ‹مبيضّة للحصاد›.‏ —‏ يو ٤:‏٣٥‏.‏

في الوقت نفسه،‏ تعلّم اخوتنا وأخواتنا في أوغندا من تجاربهم المرّة كيف يمكن ان تتغير الظروف فجأة وتنهال عليهم بين ليلة وضحاها امتحانات الايمان.‏ لكنّ تجاربهم هذه علّمتهم ايضا ان يثقوا بيهوه وبالارشاد المدوّن في كلمته ودعم معشر اخوتنا العالمي.‏

اخبر ملاك النبي الامين دانيال الذي تقدمت به السنون ان ‹المعرفة الحقة تزداد في وقت النهاية›.‏ (‏دا ١٢:‏٤‏)‏ وبفضل بركة يهوه،‏ تزداد المعرفة الحقة دون ريب في أوغندا.‏ ولا شك انه،‏ في هذه البقعة من الارض حيث ينبع نهر النيل العظيم،‏ ستتدفق مياه الحق دون انقطاع لتروي ظمأ كل المتعطشين الى الحقائق الروحية.‏ وفيما يستمر يهوه في سكب بركته على العمل في كل اقطار العالم،‏ ننتظر بشوق الوقت حين يتحد الجميع ويرفعون صوتهم عاليا مسبحين يهوه مدى الابدية.‏

‏[الحاشيتان]‏

^ ‎الفقرة 25‏ ترد قصة فرانك سميث في عدد ١ آب (‏اغسطس)‏ ١٩٩٥ من مجلة برج المراقبة،‏ الصفحات ٢٠-‏٢٤‏.‏ فكان فرانك و.‏ سميث (‏والد فرانك)‏،‏ بالاضافة الى اخيه ڠراي سميث وزوجة اخيه أولڠا بين اول الكارزين في افريقيا الشرقية.‏ لكن الملاريا اودت بحياته وهو في طريق العودة الى موطنه في كَيب تاون قبلما ابصر ابنه فرانك النور بشهرين فقط.‏

^ ‎الفقرة 26‏ اصدار شهود يهوه،‏ لكنه لم يعد يُطبع الآن.‏

‏[النبذة في الصفحة ٨٤]‏

‏«لم يعتد المواطنون البتة سماع حوار بين اميركي واسكتلندي عبر محطة اذاعية افريقية»‏

‏[النبذة في الصفحة ٩٢]‏

‏«كيف يمكنهم ان يحظروا ما في قلبي؟‏»‏

‏[النبذة في الصفحة ١١١]‏

‏«كيف تقول ‹ملكوت اللّٰه› باللوغندية؟‏» «أوبْواكاباكا بوا كاتوندا»‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٧٢]‏

لمحة عن أوغندا

اليابسة:‏

أوغندا باقة من اللوحات الطبيعية الرائعة تمتِّع الناظرين بتباينها المذهل.‏ ففيها الغابات المدارية المطيرة الكثيفة والسافانات الشاسعة وعدد لا يحصى من الانهار والبحيرات.‏ كما ترتفع في ربوعها سلسلة جبال رُووَنزوري المهيبة المكلّلة بالثلوج.‏ وتحتل أوغندا مساحة ٥٥١‏,٢٤١ كيلومترا مربعا ويقع ضمن اراضيها حوالي نصف بحيرة فيكتوريا التي تُعتبر كبرى بحيرات افريقيا.‏

الشعب:‏

يقطن في المناطق الريفية اكثر من ٨٥ في المئة من اهل البلد،‏ الذين يؤلفون مزيجا من ٣٠ مجموعة اثنية تقريبا.‏

اللغة:‏

اللّوغندية هي اكثر اللغات شيوعا في أوغندا حيث ينطق الناس بأكثر من ٣٢ لغة.‏ وتُعدّ الانكليزية والسواحلية اللغتين الرسميتين في البلد.‏

سبل العيش:‏

أوغندا بلد زراعي ينتج البن والشاي والقطن وغيرها من المحاصيل التي تعود على السكان بالمكاسب التجارية.‏ ومعظم الاوغنديين مزارعون يقتاتون بما تغرسه ايديهم،‏ لكن البعض يكسبون رزقهم من الصيد او السياحة.‏

الطعام:‏

يشيع في معظم المناطق الجنوبية في البلد طبق الماتوكي (‏انظر الصورة)‏ الذي يعدّ من موز الجنة ويُطهى على البخار.‏ ويأكل السكان ايضا الى جانب تشكيلة من الخضر دقيق الذرة او البطاطا الحلوة او الخبز المصنوع من دقيق المنيهوت او الدُّخن.‏

المناخ:‏

أوغندا بلد مداري معتدل المناخ يقع على هضبة ترتفع في الجنوب حوالي ٥٠٠‏,١ متر وتهبط في الشمال الى نحو ٩٠٠ متر.‏ ويسود معظم مناطق اوغندا فصلان متميزان،‏ واحد جاف وآخر ممطر.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٧٧]‏

المحبة المسيحية الاصيلة تمسّ القلوب

پيتر جيابي

تاريخ الولادة:‏ ١٩٣٢

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٦٥

لمحة عن حياته:‏ شيخ ساعد في ترجمة المطبوعات خلال الحظر.‏ متزوج من اخت اسمها استير ولديه اربعة اولاد راشدين.‏

حين وطئ اول مرسلي شهود يهوه ارض أوغندا،‏ وجدوا التحامل العرقي مستفحلا في البلد بحيث كان معظم البيض يتجنبون الاحتكاك بالافريقيين السود.‏ لكن محبة المرسلين المسيحية الاصيلة مسّتنا في العمق فصاروا اعزاء جدا على قلبنا.‏

خلال سبعينات القرن العشرين،‏ تمتعت عائلتنا بمعاشرة المرسلَين اللذين بقيا في أوغندا ومرافقتهما في الخدمة.‏ وكانا آنذاك يقطنان في مبارارا على بُعد نحو ٦٥ كيلومترا من منطقتنا.‏ وفيما كنا ذاهبين ذات يوم لزيارتهما،‏ اوقف الجنود سيارتنا وقال لنا احدهم:‏ «ان تابعتم طريقكم فالموت يقف لكم بالمرصاد».‏ فبدا من المستحسن ان نعود ادراجنا.‏ ولكن مع مرور الايام،‏ تزايد قلقنا بشأن المرسلَين وبات همنا ان نصل الى بيتهما في اسرع وقت ممكن لنطمئن على احوالهما.‏ ولما كانت القيود الامنية مشددة،‏ استخدمتُ نفوذي في ادارة المستشفى التي اعمل فيها وملصقا على السيارة يشير الى وظيفتي كي اتمكن من عبور الحواجز على الطرقات.‏ وكم ارتحنا حين وجدنا المرسلَين بخير وأمان!‏ فزودناهما بمؤن الطعام وقضينا معهما بضعة ايام.‏ بعد ذلك،‏ بتنا نزورهما اسبوعيا حتى صار الوضع الامني يسمح لهما بالانتقال الى كامپالا.‏ ومع تفاقم المصاعب والمشقات،‏ رحنا نلمس اكثر فأكثر عرى المحبة الوثيقة بين معشر اخوتنا الذي لا يقدَّر بثمن.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨٢]‏

‏‹شعرت انني لن استطيع ان انبِس ببنت شفة›‏

مارڠريت نيانديه

تاريخ الولادة:‏ ١٩٢٦

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٦٢

لمحة عن حياتها:‏ اول اخت اوغندية تتبنى الحق.‏ خدمت فاتحة عادية لأكثر من ٢٠ سنة،‏ ولا تزال ناشرة نشيطة.‏

تمتع زوجي بدرس الكتاب المقدس مع الاخ كِلمنستر ورأى ان احذو حذوه انا ايضا بسبب محبتي العميقة لكلمة اللّٰه.‏ فجرى الترتيب ان ادرس مع يونيس زوجة جون بوالي.‏

رغم انني احببت كثيرا ما تعلمته،‏ خشيت الكرازة للآخرين بسبب طبعي الخجول.‏ وشعرت انني لن استطيع ان انبِس امام احد ببنت شفة.‏ لكن يونيس تحلت بالصبر،‏ وساعدتني بادئ ذي بدء ان اقرأ آية واحدة فقط.‏ ثم علمتني بين الزيارة والاخرى ان احضّر بعض التعليقات على الآية.‏ فتغلبت شيئا فشيئا على خوفي بفضل دعم يهوه.‏

قُبيل معموديتي،‏ صُعقت حين ترك زوجي الحق وتخلى عني انا وأولادنا السبعة.‏ لكنّ اخوتنا وأخواتنا الاعزاء آزرونا وأمدونا بالدعم الروحي والمادي.‏ مثلا،‏ كان زوجان اجنبيان يمران بنا ويقلاننا في سيارتهما وهما في طريقهما لحضور الاجتماع في كامپالا.‏ وكم يفرحني اليوم ان ارى اربعة من اولادي يخدمون يهوه مع عائلاتهم!‏

بعد كل هذا العناء،‏ تمكنت اخيرا من الخدمة كفاتحة عادية.‏ وحين اوهن التهاب المفاصل صحتي،‏ وضعت مطبوعات على طاولة خارج بيتي ورحت اكرز للمارة.‏ وهكذا لم يثنني المرض عن تكملة مسيرتي في الخدمة كامل الوقت.‏

‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحتين ٩٨،‏ ٩٩]‏

بارك اللّٰه حصادنا الروحي

سامويل موكْوايا

تاريخ الولادة:‏ ١٩٣٢

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٧٤

لمحة عن حياته:‏ مثَّل سامويل الهيئة في الشؤون القانونية طوال سنوات،‏ وخدم ايضا شيخا وفاتحا.‏

لن انسى ما حييت ما حدث خلال زيارتي لمكتب فرع كينيا بنيروبي.‏

ففيما كنت انظر عن كثب الى خريطة أوغندا،‏ سألت:‏ «لمَ هذه الدبابيس الملوّنة؟‏».‏

اجاب روبرت هارت،‏ عضو في لجنة فرع كينيا:‏ «انها اماكن لمسنا فيها اهتماما كبيرا برسالة الملكوت».‏

فسألته مشيرا الى دبوس فاتح اللون موضوع على ايڠانڠا،‏ مسقط رأسي:‏ «متى ستُرسلون فاتحين الى هذه المنطقة؟‏».‏

قال:‏ «لن نرسل احدا».‏ ثم حدق إليّ وعيناه تبرقان وتابع قائلا:‏ ‏«انت ستذهب الى هناك».‏

فأذهلني جوابه لأنني لم اكن فاتحا ولم اكن اعيش في مسقط رأسي.‏ لكنّ هذه الحادثة بقيت عالقة في ذهني حتى تقاعدت عن عملي.‏ فقررت ان اعود الى مدينتي وألتحق بصفوف الفاتحين العاديين.‏ ويا للفرح الذي غمر قلبي حين رأيت عدد الناشرين الصغير ينمو بسرعة ليصبح جماعة قوية لديها قاعة ملكوت خاصة بها!‏

عندما تعيّن فاتح خصوصي في ايڠانڠا يُدعى پاتريك باليڠيا،‏ سكن معي وعملنا كتفا الى كتف في خدمة الفتح.‏ وزرعنا ايضا حقل ذرة بغية اعالة انفسنا.‏ فكنا نناقش الآية اليومية في الصباح الباكر ونصرف بعد ذلك بضع ساعات للاهتمام بالارض،‏ ثم ننطلق نحو الساعة التاسعة الى المقاطعة ونتمتع بالخدمة حتى نهاية اليوم.‏

وفيما راحت نبتات الذرة تنمو،‏ قال لنا بعض الجيران اننا نهمل حقلنا بسبب انهماكنا في عمل الكرازة.‏ ومع اننا كنا نعرف جيدا ان علينا درء خطر القرود طيلة فترة نضوج عرانيس الذرة،‏ لم نشأ مكافحة هذه الحيوانات على حساب الاهتمام بحصادنا الروحي.‏

بعد فترة قصيرة،‏ لاحظنا كلبين ضخمين يتسكعان حول حقلنا لم نعلم من اين اتيا او من هو مالكهما.‏ غير اننا لم نطردهما،‏ بل رحنا نقدّم لهما كل يوم بعض الطعام والماء.‏ وهكذا لم تعد القرود تتجرأ على مهاجمة حقلنا بعدما صار تحت حراسة الكلبين المشددة!‏ بعد اربعة اسابيع اختفى الكلبان بالطريقة الفجائية نفسها التي ظهرا فيها،‏ ولكن بعد ان زال كل خطر يتهدّد الحقل!‏ فشكرنا يهوه على المحصول الوفير الذي سدّ رمقنا بدل ان يكون طعاما للقرود.‏ والاهم اننا شكرناه على مباركة حصادنا الروحي.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ١٠١،‏ ١٠٢]‏

محجوز ولكن غير متروك

پاتريك باليڠيا

تاريخ الولادة:‏ ١٩٥٥

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٨٣

لمحة عن حياته:‏ انخرط في الخدمة كامل الوقت بُعيد معموديته.‏ يخدم في العمل الجائل مع زوجته سمفرونيا.‏

حين تسلّمتْ حكومة جديدة زمام السلطة عام ١٩٧٩،‏ «دُعي» جميع الذين كان لهم علاقة بالنظام السابق الى تسليم انفسهم والخضوع للاعتقال الوقائي.‏ كما أُطلقت تحذيرات مفادها ان كل من تسوّل له نفسه عدم الانصياع لهذا الترتيب سيُعتبر مناوئا للحكومة الجديدة وسيُعامل على هذا الاساس.‏ فلبيتُ «الدعوة» لأنني خدمت في فرقة الجيش الموسيقية،‏ وصرت بين المحتجزين وراء قضبان السجن.‏

شكرت اللّٰه لأنني تمكنت هناك من قراءة الكتاب المقدس يوميا وإبقاء ذهني نشيطا.‏ علاوة على ذلك،‏ سعيت لأجد الحق وأحببت مناقشة مواضيع من الكتاب المقدس مع رفقائي السجناء.‏ فالتقيت في مبنى السجن الذي كنت فيه واحدا من شهود يهوه يدعى جون موندووا الذي اعتُقل لأنه كان موظفا لدى الحكومة السابقة وعضوا في قبيلة مؤيدة للنظام السالف.‏

نقل لي جون البشارة بحماسة شديدة فمسّتني على الفور في الصميم.‏ ومع انه لم يكن في متناول يدينا سوى ١٦ عددا من مجلة برج المراقبة وكتاب بشارة لجعلكم سعداء،‏ * فقد ميّزت بسرعة رنة الحق‏.‏ وبعدما درست الكتاب المقدس ثلاثة اشهر،‏ رأى جون انني صرت مؤهلا لأصبح ناشرا.‏ بعد فترة قصيرة،‏ برِّئت ساحة جون وأُطلق سراحه.‏ وبذهابه خسرت كل اتصال لي بشهود يهوه.‏ رغم ذلك،‏ واظبت قدر استطاعتي على عقد الدروس مع المهتمين الذين كانوا في المعتقل.‏

أُخلي سبيلي في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٨١،‏ فعدت الى قريتي حيث لم يوجد اي شاهد ليهوه.‏ وهناك،‏ حاول اقربائي الضغط علي لأشارك في ممارساتهم الدينية،‏ لكنني نلت الدعم من يهوه الذي رأى مدى رغبتي في خدمته.‏ ولمّا كنت اعرف ان عليّ الاقتداء بيسوع،‏ بدأت اكرز بمفردي.‏ وسرعان ما باشرت عقد العديد من الدروس.‏ وذات يوم،‏ جلب احد اصحاب البيوت كتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية وقال لي:‏ «ما تقوله يشبه ما قرأته في هذا الكتاب».‏ * لكنّ هذا الرجل لم يعر الحق اهتماما يُذكر.‏ لذا حين رأى كم كنت متشوقا الى قراءة الكتاب والكمّ الهائل من اعداد برج المراقبة التي في حوزته،‏ وافق على اعطائي اياها.‏

ولكن كانت لا تزال امامي مهمة العثور على رفقائي العباد.‏ ولمّا كان الاخ موندووا قد اعلمني انه يوجد شهود في جنجا،‏ قررت ان اقصد المدينة وأبحث عنهم.‏ فقضيت الليل بكامله اصلّي ثم انطلقت في الصباح الباكر حتى دون ان اتناول الفطور.‏ وما ان باشرت رحلتي حتى التقيت رجلا يحمل كيسا بلاستيكيا شفافا.‏ ولم اصدق عينيّ عندما وقع نظري على محتوى الكيس.‏ فقد رأيت فيه مجلة استيقظ!‏ وتبيّن لي ان حاملها هو احد اخوتي الشهود!‏

عام ١٩٨٤،‏ سررت جدا بحضور اول صف لمدرسة خدمة الفتح في أوغندا.‏ وما كان اشدّ فرحي حين اكتشفت ان اخي العزيز جون موندووا كان بين زملائي التلامذة!‏ واليوم يكمل جون بأمانة مسيرته كفاتح عادي رغم سنواته الاربع والسبعين.‏

‏[الحاشيتان]‏

^ ‎الفقرة 228‏ اصدار شهود يهوه،‏ لكنه لم يعد يُطبع الآن.‏

^ ‎الفقرة 229‏ اصدار شهود يهوه،‏ لكنه لم يعد يُطبع الآن.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١١٣]‏

وجد اخيرا الدين الحقيقي

طلبت احدى الاخوات من المرسل ماتس هولمكڤيست ان يلتقي موتيساسيرا يافيسي الذي كان قسيسا في كنيسة المجيئيين السبتيين.‏ فبعدما اثارت رسالة شهود يهوه اهتمام هذا الرجل،‏ حضّر لائحة من ٢٠ سؤالا كتبها بخط واضح وقدّمها لماتس حين تقابلا.‏

بعد مناقشة حول الكتاب المقدس دامت ساعتين،‏ قال موتيساسيرا:‏ «اعتقد انني وجدت اخيرا الدين الحقيقي!‏ ارجوك ان تأتي لزيارتي في قريتي.‏ فهنالك اشخاص آخرون يودّون معرفة المزيد عن شهود يهوه».‏

بعد خمسة ايام،‏ ركب ماتس ومرسل آخر دراجة نارية وانطلقا نحو كالانڠالو حيث يعيش موتيساسيرا،‏ قاطعَين مسافة ١١٠ كيلومترات على دروب موحلة ووعرة عبر مزارع الشاي.‏ وكم دهشا حين اصطحبهما موتيساسيرا الى كوخ مسقوف بالقش علّق عليه لافتة تقول:‏ «قاعة ملكوت»!‏ فكان قد هيأ مكانا لدرس الكتاب المقدس وعقد الاجتماعات!‏

وجد الاخوان عشرة اشخاص آخرين مهتمين بالحقائق التي اخبرهم اياها موتيساسيرا.‏ فبوشر بدروس في الكتاب المقدس ولم تثنِ المسافة الطويلة ماتس عن عقدها مرتين في الشهر.‏ فأحرز التلامذة تقدما ملموسا.‏ وأصبح اكثر من ٢٠ شخصا ناشرين في كالانڠالو،‏ هذا عدا عن الجماعة التي اخذت تنمو في مدينة ميتيانا المجاورة.‏ وفي تلك الاثناء،‏ قطع موتيساسيرا شوطا كبيرا في النمو روحيا واتخذ خطوة المعمودية.‏ وهو اليوم في اواخر سبعيناته يخدم شيخا في الجماعة.‏

‏[الجدول/‏الرسم البياني في الصفحتين ١٠٨،‏ ١٠٩]‏

نبذة تاريخية أوغندا

١٩٣٠

١٩٣١ روبرت نيزبِت ودايڤد نورمان يكرزان في افريقيا الشرقية.‏

١٩٤٠

١٩٥٠

١٩٥٠ الاخ والاخت كِلمنستر ينتقلان الى أوغندا.‏

١٩٥٢ تأسيس اول جماعة.‏

١٩٥٦ اجراء اول معمودية.‏

١٩٥٩ الاخوة الاجانب يزودون المساعدة الروحية.‏

١٩٦٠

١٩٦٣ وصول مرسلي جلعاد.‏

١٩٧٢ عقد اول محفل كوري.‏

١٩٧٣ حظر عمل شهود يهوه وطرد المرسلين.‏

١٩٧٩ رفع الحظر.‏

١٩٨٠

١٩٨٢ السماح للمرسلين بدخول البلد مجددا.‏

١٩٨٧ ترجمة برج المراقبة الى اللوغندية بشكل منتظم.‏

١٩٨٨ تدشين اول قاعة ملكوت يملكها الاخوة.‏

١٩٩٠

٢٠٠٠

٢٠٠٣ تأسيس مكتب فرع.‏

٢٠٠٧ تدشين مبان جديدة تابعة للفرع.‏

٢٠١٠

‏[الرسم البياني]‏

‏(‏انظر المطبوعة)‏

مجموع الناشرين

مجموع الفاتحين

٠٠٠‏,٥

٠٠٠‏,٣

٠٠٠‏,١

١٩٣٠ ١٩٤٠ ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٨٠ ١٩٩٠ ٢٠٠٠ ٢٠١٠

‏[الخريطتان في الصفحة ٧٣]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

جمهورية الكونغو الديموقراطية

السودان

كينيا

أوغندا

كامپالا

أروا

غولو

ليرا

سوروتي

بحيرة كييوڠا

ماسيندي

هويما

مْباله

تورورو

ناماينڠو

ايڠانڠا

جنجا

سيتا

كاجانسي

آنتيبي

ميتيانا

كالانڠالو

فورت پورتال

روسيسي

بحيرة ألبرت

جبال رُووَنزوري

خط الاستواء

بحيرة أدوَرد

ماساكا

مبارارا

كاباله

كينيا

بحيرة فيكتوريا

تنزانيا

بوروندي

رواندا

أوغندا

كامپالا

كينيا

نيروبي

ميرو

جبل كينيا

مومباسّا

تنزانيا

دار السلام

زنجبار

‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ٨٧]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

أوغندا

كامپالا

أروا

غولو

ليرا

سوروتي

ماسيندي

هويما

فورت پورتال

ماساكا

مبارارا

كاباله

بحيرة فيكتوريا

‏[الصورة]‏

جال الاخ هاردي وزوجته في معظم انحاء أوغندا في غضون ستة اسابيع

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٦٦]‏

‏[الصورة في الصفحة ٦٩]‏

حمل روبرت نيزبِت ودايڤد نورمان البشارة الى افريقيا الشرقية

‏[الصورة في الصفحة ٧١]‏

جورج وروبرت نيزبِت برفقة ڠراي وأولڠا سميث يقفون على طَوف الى جانب سيارتَي الڤان استعدادا لعبور احد الانهر

‏[الصورة في الصفحة ٧٥]‏

ميري وفرانك سميث،‏ قُبيل زواجهما عام ١٩٥٦

‏[الصورة في الصفحة ٧٨]‏

آن كوك وولديها مع الاخ والاخت ماكومبا

‏[الصورة في الصفحة ٨٠]‏

كان طوم وبِثل ماكلاين اول مرسلَين مدرّبَين في جلعاد يخدمان في أوغندا

‏[الصورة في الصفحة ٨١]‏

اول بيت للمرسلين في جنجا

‏[الصورة في الصفحة ٨٣]‏

المرسلان ستيفن وباربرا هاردي

‏[الصورة في الصفحة ٨٥]‏

ميري نيزبِت (‏في الوسط)‏ مع ابنائها روبرت (‏الى اليسار)‏،‏ جورج (‏الى اليمين)‏،‏ ووليَم وزوجته ميوريِل (‏في الخلف)‏

‏[الصورة في الصفحة ٨٩]‏

طوم كوك يلقي خطابا في محفل «الحكم الالهي» الكوري في كامپالا

‏[الصورة في الصفحة ٩٠]‏

جورج وڠرترود اوتشولا

‏[الصورتان في الصفحة ٩٤]‏

ثابر اخوتنا على الاجتماع معا رغم الحظر

‏[الصورة في الصفحة ٩٥]‏

فْرِد نيانديه

‏[الصورة في الصفحة ٩٦]‏

ايمانويل تشاميزا

‏[الصورة في الصفحة ١٠٤]‏

ستانلي ماكومبا وزوجته إسينالا عام ١٩٩٨

‏[الصورة في الصفحة ١٠٧]‏

حضر هاينتس وماريان ڤيرتهولتس اول صف لمدرسة جلعاد الفرعية في المانيا

‏[الصور في الصفحة ١١٨]‏

فرق الترجمة

الى اللوغندية

الى الأتشولي

الى اللوكونزو

الى الرونيانكورية

‏[الصورتان في الصفحة ١٢٣]‏

قاعات الملكوت الحديثة مختلفة تماما عن سابقاتها (‏الى اليمين)‏

‏[الصور في الصفحة ١٢٤]‏

فرع أوغندا

لجنة الفرع:‏ ماتس هولمكڤيست،‏ مارتن لووَم،‏ مايكل رايس،‏ وفْرِد نيانديه؛‏ مبنى للمكاتب (‏الى الاسفل)‏ والمبنى السكني (‏الى اليمين)‏