الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

بيليز

بيليز

بيليز

بيليز جوهرة تزين شبه جزيرة يوكاتان وتحيط بها المكسيك وغواتيمالا والبحر الكاريبي.‏ وهذا البلد المداري،‏ المعروف سابقا بهندوراس البريطانية،‏ يُعتبر رغم صغره بوتقة تنصهر فيها الحضارات واللغات والديانات والمأكولات والعادات.‏

بخلاف باقي بلدان اميركا الوسطى المكتظة بالسكان،‏ تضم بيليز حوالي ٠٠٠‏,٣٠٠ نسمة فقط.‏ وهي تتميز بأدغالها المدارية الكثيفة التي تشكل موئلا للطيور الجميلة والحيوانات الآسرة،‏ كالجكوار المشهور بسرعته الخارقة.‏ وفي ربوعها يرى الناظر خرائب تقف شاهدا على حضارة شعب المايا العريقة في القدم وجبالا مهيبة تزدان بأشجار البلح الباسقة وشلالات المياه الغزيرة.‏ وتنفرد بيليز بشبكة هائلة من الكهوف يتصل البعض منها واحده بالآخر بأنهار متعرجة تترقرق فيها مياه صافية كالبلور.‏ اما الحاجز المرجاني الممتد على طول خطها الساحلي فتغنيه تشكيلة من المرجان تخلب الالباب وترصّعه جزر صغيرة منخضفة تغطيها الشواطئ الرملية البيضاء وأشجار جوز الهند.‏

تاريخها الباكر

قبل قرون من مجيء الاوروبيين الى «العالم الجديد»،‏ هاجر هنود الارواك والكاريب من اميركا الجنوبية وأتوا الى بيليز،‏ فصاروا اول المستوطنين هناك.‏ وقد بنوا المعابد ومراكز الاحتفالات الدينية،‏ فباتت بيليز على ما يُعتقد القلب النابض لحضارة المايا.‏

لا يروي السجل التاريخي بإسهاب عن المساعي الباكرة التي قام بها الاوروبيون لاستعمار بيليز.‏ لكنه يخبر ان المحاولات التي قام بها الاسبان لإخضاع شعب المايا باءت بالفشل.‏ وفي عام ١٦٣٨،‏ حطّ القراصنة البريطانيون رحالهم على سواحل بيليز.‏ وبحلول منتصف القرن السابع عشر،‏ أُنشئت مستوطنات بهدف استثمار شجر البَقم (‏الذي استُخرج منه صباغ قيِّم)‏.‏

فأتى البريطانيون بالعبيد من اسواق الرقيق في جامايكا والولايات المتحدة ومن افريقيا مباشرة ليسخروهم في قطع خشب البَقم والموڠانو.‏ ورغم ان هؤلاء العبيد لم يُساقوا بالسوط كنظرائهم في انحاء اخرى من الاميركتين،‏ فقد عانوا الفقر المدقع وقاسوا الامرّين من المعاملة الوحشية.‏ فثار كثيرون منهم او انتحروا،‏ كما هرب آخرون وشكّلوا ضمن بيليز تجمعات مستقلة.‏ وفي عام ١٨٦٢،‏ أُعلنت بيليز مستعمرة بريطانية ولم تنل استقلالها حتى عام ١٩٨١.‏ *

بذور الحق تتأصّل

من اوائل شهود يهوه (‏المدعوين آنذاك تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم)‏ الذين قدِموا الى بيليز جيمس ڠوردون،‏ شاب نحيف البنية وناعم الصوت اعتمد في جامايكا عام ١٩١٨ ثم غادرها عام ١٩٢٣ ليعيش في بيليز.‏ فاستقر في قرية نائية لهنود المايا تدعى بومبا حيث تزوج وانشغل بالاهتمام بعائلته.‏ ورغم بُعده عن اخوته المسيحيين،‏ راح يكرز بالبشارة لأصدقائه وجيرانه.‏

وكيف وصلت بشارة الملكوت الى باقي المستعمرة البريطانية؟‏ عام ١٩٣١،‏ اتت من الولايات المتحدة فْريدا جونسون،‏ امرأة صغيرة القدّ تناهز الستين من العمر،‏ وانطلقت تكرز في اجزاء من اميركا الوسطى.‏ فكانت تسافر بمفردها،‏ على صهوة الجواد احيانا،‏ وتبشر في البلدات والقرى وكذلك في مزارع الموز المتناثرة على ساحل البحر الكاريبي.‏

وفي عام ١٩٣٣،‏ وصلت فْريدا الى مدينة بيليز حيث استأجرت غرفة صغيرة من السيدة بيكس.‏ وكانت هذه السيدة تسمعها كل صباح وهي تقرأ من الكتاب المقدس وترنم ترنيمة قبل ان تغادر المنزل.‏ كما لاحظ كثيرون غيرتها المتقدة.‏ فهي لم تتوقف عن الكرازة وتأخذ قيلولة بعد الظهر كما درج عليه معظم السكان في تلك المناطق الاستوائية.‏ وخلال الاشهر الستة التي سكنت فيها البلد،‏ اثارت بكرازتها اهتمام خبّاز جامايكي يدعى ثاديوس هودجسون.‏ ورغم انها صبّت جهودها في مدينة بيليز،‏ فقد زارت ايضا بعض المناطق الريفية والتقت بجيمس ڠوردون في بومبا.‏ وبفضل الجهود الدؤوبة التي بذلتها فْريدا،‏ تعارف الذين امتلكوا المعتقدات نفسها وبدأوا يجتمعون معا.‏

مساعدة المزيد على تبني الحق

في تلك الايام،‏ لم تكن وسائل الاتصال تتوفر بسهولة.‏ رغم ذلك،‏ بقي جيمس وثاديوس على اتصال فيما تابعا عمل الكرازة كلٌّ في مقاطعته.‏ وفي عام ١٩٣٤،‏ كتب ثاديوس الى المركز الرئيسي العالمي في بروكلين يطلب منهم ارسال آلة اسطوانات وخطابات مسجلة مؤسسة على الكتاب المقدس.‏

فبات اثناء امسيات ايام السبت يشغِّل تسجيلات الخطابات في حديقة عامة صغيرة امام مبنى المحكمة العليا معروفة باسم «ساحة القتال» لأن الجيش اقام فيها تدريباته العسكرية.‏ غير انها تحولت الى ساحة قتال من نوع آخر.‏ ففيما وقف ثاديوس في جهة من الحديقة يشغِّل تسجيلات خطابات الاخ رذرفورد،‏ كانت فرقة جيش الخلاص الموسيقية تعزف في الجهة الاخرى يرافقها بومونت بومن على طبل كبير يصم دويه الآذان.‏ ولكن لم يمضِ وقت طويل حتى تجاوب بومونت مع رسالة الملكوت وانضم الى ثاديوس في الجهة الاخرى من ساحة القتال!‏ قال بومونت:‏ «اشكر إلهي يهوه لأنه جعلني اقلع عن قرع ذلك الطبل!‏».‏

استخدم الاخوة ايضا لعمل الكرازة العلنية باحة صغيرة امام السوق العامة معروفة بـ‍ «مْيول پارك» (‏اي باحة البغال)‏ لأنها اتُّخذت محطة لعربات البغال التي تجلب البضائع الى المدينة وجوارها.‏ فغالبا ما كان ثاديوس يُرى هناك بقامته الفارعة وبشرته السمراء وطلعته البهية وهو يلقي بحماس خطاباته العميقة.‏ ورغم هيمنة كنائس العالم المسيحي على سكان بيليز المحبين للكتاب المقدس،‏ فقد تجاوب مع البشارة كثيرون من الاشخاص المستقيمي القلوب،‏ مثل جيمس هايِت وآرثر راندال القادمَين من جامايكا.‏

ابتدأ ثاديوس يدير اجتماعات في مخبزه الواقع في شمال مدينة بيليز.‏ ولهذه الغاية،‏ كان عليه ازاحة المنضدة ووضع ألواح خشبية على كراسٍ كي تصبح مقاعد طويلة.‏ كما عُقدت اجتماعات في بيت كورا براون الواقع في جنوب المدينة.‏ وتتذكر نورا فياض ان الشهود القليلين الذين سكنوا في منطقتها اثناء طفولتها كانوا يجتمعون في فناء بيت آرثر راندال المجاور لبيتها.‏

الكرازة بغيرة تأتي بثمر

كرز كثيرون من الشهود الاوائل دون كلل،‏ ومن بينهم جيمس (‏جيمزي)‏ جنكنز.‏ فرغم انه كان كفيفا،‏ طاف يكرز في كل مدينة بيليز وهو يتلمَّس طريقه بعصاه.‏ وتقول مولي تيليت انها كانت قادرة ان تسمعه وهو يكرز في السوق ولو على مسافة بعيدة!‏ وفي الاجتماعات،‏ كان يُرى وهو يجلس منحنيا قليلا الى الامام ومتكئا على عصاه،‏ وكله آذان صاغية مخافة ان تفوته كلمة واحدة.‏ وقد حفظ عن ظهر قلب آيات كثيرة استعان بها في كرازته.‏

في تلك الفترة ايضا،‏ ذاع صيت جيمس ڠوردن في القرى المحيطة ببومبا.‏ فقد نقل البشارة الى كل من التقاه،‏ حاملا بيد علبة من خشب الموڠانو وضع فيها مطبوعاته وباليد الاخرى آلة الاسطوانات.‏ وقد دأب كلَّ أحد قبل بزوغ الفجر على الركوب في قاربه المصنوع من جذع شجرة مجوّف والتجذيف بعكس مجرى النهر،‏ ثم قضاء اليوم كله في الكرازة قاطعا كيلومترات عديدة سيرا على الاقدام.‏ وعند حلول المساء،‏ كان الناس يرونه وهو يصعد درب بيته بخطى اثقلها التعب.‏ رغم ذلك لم يتوانَ،‏ بعد تناول العشاء،‏ في عقد درس الكتاب المقدس مع اولاده الستة حتى يأخذ التعب منه كل مأخذ وتعجز يداه عن حمل الكتاب.‏

آنذاك،‏ لم تكن زوجته قد صارت شاهدة بعد.‏ فاستغلت ذات يوم غيابه وأحرقت مجموعة لا يُستهان بها من مطبوعاته المؤسسة على الكتاب المقدس.‏ وحين عاد ورأى ما فعلته،‏ لم تثر ثائرته بل قال بصوت حازم:‏ «اياكِ ان تفعلي ذلك مجددا!‏».‏ فتأثر اولاده جدا بضبط نفسه لمعرفتهم حق المعرفة عمق الالم الذي انتابه اثر الخسارة الفادحة التي تكبدها بسبب زوجته.‏

روح يهوه يجتذبهم

صبيحة يوم احد،‏ كرز جيمس لسيدة انغليكانية متدينة تدعى درين لايتبرن.‏ فقبلَت منه كتاب قيثارة اللّٰه بعدما أُثير فضولها،‏ رغم ان صوته الناعم حال دون ان تسمع كل ما قاله لها.‏ وفي وقت لاحق،‏ وفيما كانت تقيم عند خالتها ألفونسينا روباتو في مدينة بيليز،‏ توقف شخص عند البوابة الخارجية وطلب اذنا بالدخول الى فناء الدار.‏

فقالت درين لخالتها:‏ «انه يشبه كثيرا الرجل الذي اعطاني الكتاب الشيق الذي اخبرتك عنه».‏

لكن الزائر لم يكن جيمس ڠوردن،‏ بل جيمس هايت.‏ وقد شغّل الاخ هايت آلة الاسطوانات امام السيدتين وأعطى كتاب قيثارة اللّٰه لألفونسينا.‏ وكانت ألفونسينا وأختها اوكتابيل فلاورز تبحثان عن الحق رغم انهماكهما في الشؤون السياسية.‏ ولما تأثرت ألفونسينا كثيرا بما سمعته في ذلك اليوم اخبرت اختها بحماس شديد:‏ «هل تعلمين ان رجلا اتى الى هنا وتحدث عن ملكوت اللّٰه؟‏!‏ وأعتقد ان هذا ما نبحث عنه!‏».‏ فسعت اوكتابيل لتحضر اللقاء التالي مع الاخ.‏ وفي نهاية المطاف،‏ تبنّت ألفونسينا وأوكتابيل ودرين الحق واعتمدن عام ١٩٤١.‏

وكانت والدة ألفونسينا وأوكتابيل قد توفيت منذ فترة قصيرة.‏ فحزنت اختهما الصغرى أَميبيل آلن جدا بحيث راحت تصلي الى اللّٰه وتلتمس منه الموت علّها تنضم الى امها في السماء.‏ فدعتها اوكتابيل لتستمع الى خطاب بعنوان «اين هم الموتى؟‏».‏ فقبلت أَميبيل الدعوة ولم تتوقف قط عن حضور الاجتماعات.‏

تقول أولڠا نايت،‏ ابنة درين:‏ «كان روح يهوه يجتذب هؤلاء الناس بمجرد قراءتهم المطبوعات وحضورهم الاجتماعات.‏ ولشدة فرحهم بالحق سارعوا الى اخبار الآخرين بما تعلموه».‏

ووالد أولڠا،‏ هرمن لايتبرن،‏ هو مثال على ذلك.‏ فقد اعتنق الحق بعدما قرأ كتاب الاولاد خلال اقامته في المستشفى.‏ وما تعلّمه ألهب حماسته حتى بات يستأجر كل يوم جمعة شاحنة ليقلّ فيها فريق الناشرين الصغير كي يشهدوا في القرى المجاورة.‏ كما كثَّف خدمته في منطقة بلاك كريك الريفية التي كان يملك فيها مزرعة.‏

تتذكر اولڠا:‏ «كرز والداي على طول نهر بيليز،‏ فصار الناس يأتون في المساء حاملين القناديل ليصغوا اليهما.‏ وكل صباح،‏ اثناء العطلة في المزرعة،‏ كنا أنا ووالداي وخالتي أَميبيل وابنتها مولي تيليت نمتطي جياد ابي وننطلق الواحد خلف الآخر على طول الدرب حتى نصل الى قرية كروكد تري.‏ فندرس الكتاب المقدس مع المهتمين فيما نترك الاحصنة ترعى قرب بيوتهم.‏ نتيجة ذلك،‏ اعتنقت الحق بعض تلك العائلات».‏

عام ١٩٤١،‏ اعتمد اول فريق من الناشرين الجدد في المياه الكاريبية بمدينة بيليز.‏ وكان بينهم جورج لونڠسوورث الذي انخرط في الفتح بدءا من ذلك العام واستمر حتى وفاته عام ١٩٦٧ عن عمر ٨٧ سنة.‏ وقد كرز في المناطق الداخلية من البلد حيث افتتح مقاطعات جديدة،‏ قاطعا كيلومترات عديدة بين البلدات والقرى على صهوة جواده.‏ فبات مثالا رائعا للجدد بشكل خاص لغيرته المتقدة في الخدمة وحضوره المنتظم للاجتماعات.‏ وهكذا استخدم يهوه هؤلاء الخدام الغيارى والامناء بطريقة فعالة ليجتذب المستقيمي القلوب الى هيئته.‏

قدوم المرسلَين الاوّلَين

في ٥ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٤٥،‏ وصل المرسلان ايلمر ايهرڠ وتشارلز هيين المتخرجان من الصف الاول لجلعاد.‏ ولكن في اليوم السابق لقدومهما،‏ كان قد اجتاح اعصار منطقة تقع على بُعد ١٦٠ كيلومترا من جنوب مدينة بيليز،‏ فغمرت المياه الطريق الذي يصل المطار بالمدينة والبالغ طوله ١٦ كيلومترا.‏ فنُقلا في احدى شاحنات الجيش الكبيرة الى منزل ثاديوس هودجسون،‏ الذي كان قد وضع احجارا كبيرة من الاسمنت وعلبا خشبية امام بيته كي يسير عليها الاخوان دون ان تبتل ارجلهما.‏

كان الاخوة ينتظرون المرسلَين الاوّلَين على احرّ من الجمر.‏ فتكبَّد جيمس ڠوردن،‏ ليون ريكينا،‏ ورافاييل مدينا عناء السفر من شمال البلاد الى مدينة بيليز للقاء القادمَين الجديدَين.‏ وقد شكل ذلك تحديا كبيرا في تلك الايام.‏ يوضح اسمايِل مدينا،‏ حفيد رافاييل:‏ «لم تكن هنالك طريق رئيسية تصل شمال البلاد بمدينة بيليز،‏ بل مجرد دروب محفَّرة تسلكها عربات البغال.‏ وإذ لم تكن هنالك بيوت على طول الدرب،‏ فقد اضطروا ان يناموا حيثما حل عليهم الظلام،‏ رغم تعرضهم لخطر الافاعي.‏ وبعد ان التقى الاخوة الثلاثة بالمرسلَين وأخذوا منهما الارشادات والمطبوعات،‏ عادوا ادراجهم في الطريق نفسها.‏ وهكذا استغرقت رحلتهم الشاقة اياما طِوالا!‏».‏

اما الطريقة التي قُدِّم بها المرسلان للناس في باحة مْيول پارك فغاية في الغرابة.‏ فقد افتتح جيمس هايت البرنامج بشن هجوم شرس على رجال الدين وعلى تعاليمهم الباطلة،‏ ما اشعل بعض السامعين الذين راحوا يطلقون الشتائم.‏ وفي نهاية خطابه،‏ اشار فجأة الى المرسلَين وقال:‏ «والآن اترك هذين الرجلين بين ايديكم!‏».‏ وبهذه الكلمات القليلة قُدِّم الاخوان الجديدان للحضور!‏

ما من شك ان هؤلاء الاخوة الاوائل تحلوا بمحبة اصيلة ليهوه ولحق الكتاب المقدس،‏ ونمّوا بغضا شديدا للتعاليم الدينية الباطلة.‏ وما من شك ايضا ان خبرة المرسلين الواسعة كانت ستساعد الناشرين الغيورين على الكرازة بأكثر فعالية.‏

بدأ المرسلان خدمتهما في مدينة بيليز،‏ التي ضمت آنذاك حوالي ٧٠٠‏,٢٦ نسمة.‏ وقد بُنيت هذه المدينة على الردم الذي لم يرفعها عن مستوى سطح البحر سوى ثلاثين سنتيمترا.‏ وما زاد الطين بلة هو انها افتقرت الى نظام فعال لتصريف المياه.‏ اضف الى ذلك مناخها الحار والرطب.‏ ولم يكن في المدينة شبكات تمد البيوت بالماء،‏ ما حدا بمعظم اصحاب البيوت الى وضع حوض خشبي كبير امام منزلهم ليجمعوا فيه مياه الامطار.‏ إلّا ان هذه الامطار هطلت احيانا بغزارة مروعة،‏ كما حدث مثلا عام ١٩٣١ حين اجتاح المدينة اعصار خلّف وراءه الدمار الشامل وحصد حياة اكثر من ٠٠٠‏,٢ شخص.‏

التقدُّم رغم القيود

لم تقيِّد السلطات في بيليز قط نشاط شهود يهوه،‏ لكنها وضعت حظرا على مطبوعاتنا فترة من الوقت خلال الحرب العالمية الثانية رُفع قُبيل مجيء المرسلَين.‏

رغم ذلك،‏ ذكر عدد ١٥ تموز (‏يوليو)‏ ١٩٤٦ من برج المراقبة في معرض الحديث عن نشاط المرسلَين في بيليز:‏ «في الداخل لا يزال كاهن من الكنيسة الكاثوليكية الرومانية يحاول حمل السلطات على فرض الحظر على المطبوعات المرسلة بالبريد.‏ كما ان رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ممتعضون من وجود مرسلَي شهود يهوه؛‏ وثمة كاهن اميركي من اصل ايرلندي .‏ .‏ .‏ استاء من حكومة الاستعمار البريطاني لأنها سمحت لهما بدخول البلد.‏ .‏ .‏ .‏ فذكَّر [المرسلان] الكاهن انه هو نفسه يدعي انه اميركي،‏ وأرياه احصاءات من السجون الاميركية تشهد ان النظام الكاثوليكي الروماني ليس رقيبا فعالا يحافظ على الآداب والاخلاق في الولايات المتحدة،‏ فانسحب مسرعا بسبب الاحراج الذي تملّكه».‏

صدر اول سجل دقيق للناشرين في بيليز عام ١٩٤٤ حين دوّن سبعة ناشرين تقارير خدمتهم.‏ وكي يشهدوا بأكثر فعالية،‏ بدأوا يستخدمون بطاقات الشهادة في كرازتهم من باب الى باب.‏ وفي غضون سنة من وصول المرسلَين،‏ ارتفع عددهم الى ١٦ ناشرا.‏

عام ١٩٤٦،‏ زار البلد ناثان ه‍.‏ نور وفردريك و.‏ فرانز من المركز الرئيسي العالمي وافتتحا مكتب فرع.‏ وقد ألقى الاخ نور خطابا عن التنظيم اوضح فيه الحاجة الى تقديم تقرير عن خدمة الحقل باستخدام النماذج المطبوعة.‏ كما حثّ الاخ فرانز اعضاء الجماعة على اظهار الرحمة للآخرين من خلال المناداة برسالة الملكوت دون كلل.‏ وفي وقت لاحق من الاسبوع،‏ شرح الاخ نور لحضور ضم الكثير من المهتمين وبلغ عدده ١٠٢ لماذا ينبغي ان يسرّ المهتمون بالانضمام الى شعب يهوه ودعاهم الى درس الكتاب المقدس بانتظام مع الشهود.‏

وفي تلك السنة عينها،‏ وصل الى بيليز تشارلز وآني روث پاريش وكورديس ومِلدرد سوريل.‏ ثم لحق بهم عام ١٩٤٨ ترومان بروبايكر وتشارلز وفلورنس هومولكا.‏ وقد استُقبلوا بالترحاب،‏ اذ كان بانتظارهم عمل ضخم جدا.‏

عمل ضخم يكمن امامهم

كتب ايلمر ايهرڠ:‏ «لم يوجد آنذاك سوى جماعة واحدة صغيرة.‏ لذا رحت ازور المناطق المجاورة التي خلت من الجماعات،‏ وأقضي فيها اسبوعين كل مرة أزرع البذار من خلال توزيع الكتب،‏ جمع الاشتراكات،‏ وإلقاء الخطابات».‏ وخلال السنة الاولى،‏ سافر تشارلز هيين بالشاحنة الى اورنج ووك حيث كرز في المقاطعة وشجع الاخوة على عقد الاجتماعات بانتظام.‏

اما المدن الجنوبية فاستحال بلوغها إلّا بالقارب.‏ فسافر ايلمر وتشارلز على متن مركب يدعى «هيرون ايتش» قاصدَين المدينتين الساحليتين ستان كريك (‏الآن دانڠريڠا)‏ وپونتا ڠوردا،‏ وهما مستوطنتان ڠاريفونيتان،‏ بهدف افتتاح عمل الكرازة هناك.‏ ورغم ان الرحلة من مدينة بيليز الى پونتا ڠوردا استغرقت في تلك الايام ٣٠ ساعة بالقارب،‏ فقد قطع ايلمر هذه المسافة وألقى خطابا عاما حضره حوالي ٢٠ شخصا اجتمعوا في ردهة الفندق الذي نزل فيه.‏

وتتذكر أولڠا نايت هذا الاخ الغيور وهو يرافق عائلتها الى قرية كروكد تري النائية،‏ حيث اعتاد والدها ان يعقد الاجتماعات على ضفة النهر المزدانة بالاشجار.‏ وقد قدّر الاخوة اعمق تقدير عمل المرسلين الدؤوب والروح المتواضعة التي اعربوا عنها.‏

بحلول عام ١٩٤٨،‏ وصل معدل الناشرين الى ٣٨،‏ وتأسست اربع جماعات خارج مدينة بيليز.‏ وتألفت هذه الجماعات الصغيرة من ناشرين قلائل يقطنون المناطق الريفية،‏ مثل عائلة لايتبرن في بلاك كريك،‏ عائلة ڠوردن في بومبا،‏ عائلتي هومز وألدانا في سانتانا،‏ والاخوين ريكينا ومدينا في اورنج ووك.‏ اما المرسلون والفاتحون الخصوصيون فركّزوا على المناداة بالبشارة في مدينة بيليز كما جرى تشجيعهم.‏ وقد بارك يهوه جهودهم الدؤوبة،‏ فراح يتزايد عدد الاشخاص المخلصين الذين صاروا خداما ليهوه.‏

في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٤٩،‏ قدِم الاخ نور البلد ثانية فأتت زيارته المشجعة في حينها.‏ فقد قضى امسية في بيت المرسلين يتحدث عن تحديات العمل الارسالي.‏ مثلا،‏ رغم ان كثيرين من الناشرين الجدد ارادوا ان يخدموا يهوه،‏ لم يقدروا اهمية نذر حياتهم له والرمز الى ذلك بالمعمودية.‏ لذا ذكّر الاخ نور المرسلين بضرورة التحلي بالصبر،‏ والاحتمال،‏ والمحبة.‏ كما ذكّرهم بالنتائج السارة التي حصدوها.‏

منع دخول المزيد من المرسلين

بحلول عام ١٩٥٧،‏ شعر الاخوة ان الحكومة تراقب عن كثب نشاطات شهود يهوه في بيليز.‏ فأثناء عرض احد افلام الجمعية في اورنج ووك،‏ سأل شرطي الاخوة العاملين في الفرع متى وصلوا الى القرية ومتى سيغادرونها،‏ وقال لهم انه يريد هذه المعلومات لأنه يعدّ تقريرا لرئيس الشرطة.‏ كما اخبرهم ان ضابطا حضر المحفل الاخير بثياب مدنية ليكتب تقريرا مماثلا.‏

كانت السلطات قد سمحت بين عامَي ١٩٥١ و ١٩٥٧ بوفود اكثر من عشرة مرسلين الى البلد.‏ ولكن فجأة في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٥٧،‏ تسلّم الاخوة رسالة من الشرطة ودائرة الهجرة تقول:‏ «قررت حكومة هندوراس البريطانية [بيليز اليوم] انها،‏ منذ الساعة،‏ لن تأذن لمزيد من الخدام الذين توفدهم جمعيتكم بدخول هندوراس البريطانية».‏ اثر ذلك،‏ طلب الاخوة مقابلة الحاكم ليستفسروا عن سبب اصدار هذا القرار،‏ ولكنّ طلبهم قوبل بالرفض.‏

ورغم ان بعض الفرق الدينية الاخرى لم يُسمح لها هي ايضا ان تأتي بالمزيد من المرسلين،‏ إلّا انه أُجيز لها استبدال الذين غادروا البلد.‏ لكنّ هذا الحق لم يُمنح لشهود يهوه الذين احتاجوا الى استبدال اثنين من مرسليهم.‏ فكتب الاخوة عام ١٩٦٠ الى السلطات في بيليز وفي لندن ما فحواه انهم لا يطلبون المزيد من المرسلين بل استبدال البعض منهم.‏

فجاء الجواب مقتضبا:‏ «لقد توصل الحاكم العام الى قرار لا رجوع عنه يقضي بعدم السماح لأي مرسل آخر من جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس بدخول هندوراس البريطانية».‏

وحين طلب الاخوة اذنا بمقابلة الحاكم قيل لهم:‏ «لقد توصل الحاكم العام عام ١٩٥٧ الى قرار لا رجوع عنه يقضي بعدم السماح لأي مرسل آخر من جمعيتكم بدخول هندوراس البريطانية؛‏ وفي هذه الظروف يرى سعادته ان مقابلتكم لا تخدم اي غرض مفيد».‏ فبدا ان الاخوة يقفون امام حائط مسدود.‏

وأخيرا،‏ بعد خمس سنوات تقريبا من الالتماسات المتكررة،‏ تسلم الفرع رسالة في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٦١ من امانة السر في بيليز يرد فيها:‏ «اود اعلامكم ان حكومة هندوراس البريطانية نظرت في الاحتجاجات الاخيرة التي قدمتموها وقررت،‏ في الوقت الحالي،‏ السماح لمرسلين اجانب بدخول هذا البلد بصفتهم بدلاء عن المرسلين الاجانب الموجودين هنا».‏ نتيجة لذلك،‏ أُذن عام ١٩٦٢ لمارتن وأليس تومپسون من جامايكا بدخول بيليز كمرسلَين.‏

العمل يستمر رغم العراقيل

بدا جليا ان المقاومين الدينيين حاولوا جاهدين عرقلة عملنا،‏ ولكن هل نجحوا في مسعاهم؟‏ اظهر تقرير سنة الخدمة ١٩٥٧ ان هنالك ذروة من ١٧٦ ناشرا ينتمون الى سبع جماعات.‏ فبلغت النسبة ناشرا لكل ٤٠٠ شخص اذ كانت بيليز في تلك الفترة تعدّ ٠٠٠‏,٧٥ نسمة.‏ اما تقرير سنة الخدمة ١٩٦١ فأظهر ان هنالك ذروة من ٢٣٦ ناشرا،‏ اي بزيادة ٣٤ في المئة وبنسبة ناشر لكل ٣٨٣ شخصا.‏ وهكذا تحقق ما وعد يهوه شعبه به حين قال:‏ «كل سلاح يصور ضدك لا ينجح،‏ وكل لسان يقوم عليك في القضاء تحكمين عليه».‏ (‏اش ٥٤:‏١٧‏)‏ فقد استمر العمل الكرازي على قدم وساق رغم العراقيل.‏

كان كثيرون من الرجال والنساء الذين يدرسون الكتاب المقدس يساكنون شركاءهم دون زواج شرعي،‏ او ينتقلون من شريك الى آخر.‏ ولكن ما ان تعلموا مبادئ يهوه السامية حتى بذلوا قصارى جهدهم وتكبدوا تكاليف باهظة ليجعلوا زواجهم شرعيا.‏ وكان بين هؤلاء مَن تخطوا الثمانين من عمرهم!‏

الحاجة الى قاعة ملكوت جديدة

في كانون الاول (‏ديسمبر)‏ ١٩٤٩،‏ دفع الاخوة مسبقا ايجار قاعة ليبرتي هول في مدينة بيليز لتقديم سلسلة من اربعة خطابات خصوصية في كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٥٠.‏ لكن في اليوم الذي سبق الخطاب الختامي،‏ بُث على الراديو ان مأتم شخصية بارزة سيُقام في القاعة في اليوم التالي.‏ ورغم الالتماسات العديدة التي تقدَّم بها الاخوة الى اصحاب القاعة،‏ دخلت مجموعة من الاشخاص اثناء إلقاء الخطاب الخصوصي وباشروا الاستعدادات للمأتم،‏ محدثين ضجة عالية.‏ فاضطر الاخوة في نهاية المطاف الى الاستنجاد بالشرطة.‏ وهكذا،‏ بات واضحا ان الشهود هم بأمس الحاجة الى قاعة ملكوت خاصة بهم.‏ لكن كل القاعات المتوفرة استُخدمت كنوادٍ وصالات رقص،‏ وإيجارها كان مرتفعا جدا.‏

يخبر دونالد سنايدر،‏ الذي خدم آنذاك ناظر فرع:‏ «مساء الاحد الماضي،‏ حضر ١٧٤ شخصا درس برج المراقبة.‏ فاضطر عدد لا بأس به الى الوقوف لأن القاعة ضاقت بالموجودين.‏ وبسبب اكتظاظ المكان،‏ بات الحر خانقا اكثر من اي وقت مضى».‏ وقد انتقل مكتب الفرع وبيت المرسلين مرات عديدة الى اماكن مختلفة استؤجرت لمتابعة العمل.‏

في ايلول (‏سبتمبر)‏ ١٩٥٨،‏ بوشر انشاء بناء بطابقين.‏ وصُمِّم الطابق الاول ليكون مكتب فرع صغيرا وبيتا للمرسلين،‏ فيما صُمِّم الثاني ليكون بأكمله قاعة محاضرات.‏ وقد انتهى عمل البناء عام ١٩٥٩،‏ فأصبح لدى جماعة مدينة بيليز اخيرا قاعة ملكوت خاصة بها.‏

النمو في الحقل الاسباني

شهد النمو الروحي بين شهود يهوه في بيليز تقدما ملحوظا بشكل خاص بين الناطقين باللغة الاسبانية.‏ ففي عام ١٩٤٩،‏ وُجدت بعض المناطق التي يتكلم سكانها الاسبانية،‏ لكن احدا من المرسلين لم يتقن آنذاك هذه اللغة.‏ غير ان بعض الذين أُرسلوا لاحقا الى هناك اجادوا الاسبانية،‏ ومنهم ليسلي پيتشر الذي اتى عام ١٩٥٥.‏ فعيِّن في بنكِه ڤييهو،‏ مدينة يتكلم اهلها الاسبانية وتقع غرب بيليز على الحدود الغواتيمالية.‏ وحين وصل،‏ كان بعض السكان يتوقعون قدومه.‏ فما السبب؟‏

قبل حوالي سنة،‏ تعرفت ناتاليا كونتريراس بالحق واعتمدت في بلدة سان بينيتو الواقعة اقصى غرب غواتيمالا.‏ وقد اجتازت الحدود قاصدة بيليز لتشهد لأقربائها في بنكِه ڤييهو.‏ وأحد هؤلاء الاقرباء كان سرڤيليانو كونتريراس،‏ الذي اثارت اهتمامه كثيرا تعليقات ناتاليا على آيات من الاسفار المقدسة تتناول عبادة الوثن.‏ فتبنى الحق وظل شاهدا امينا حتى وفاته عام ١٩٩٨ عن عمر ١٠١ سنة.‏ وقد اعتنق الحق ايضا العديد من اولاده وأحفاده.‏ وفي تلك الايام،‏ كان الفريق الصغير للناشرين في بنكِه ڤييهو يغطي مقاطعة تتعدى حدود البلد لتصل الى مدينة ملتشور دي منكوس في غواتيمالا،‏ حيث عقدوا الاجتماعات وتشكلت جماعة في وقت لاحق.‏ ولا تزال الجماعة في بنكِه ڤييهو حتى اليوم تتحلى بروح الغيرة والنشاط.‏

عام ١٩٥٦،‏ بدأت اجزاء من المحفل الكوري والدائري تقدَّم باللغة الاسبانية.‏ ولكن في شباط (‏فبراير)‏ ١٩٦٨،‏ عُقد كامل المحفل الدائري باللغة الاسبانية في قاعة الملكوت بأورنج ووك.‏ فبلغ عدد الحضور ٨٥ شخصا واعتمد ٤ ناشرين.‏

وكان قد داوم مارسيلو دومينڠيز ورافاييل مدينا وغيرهما من الشهود الناطقين بالاسبانية مثل ديونيسيو وكاتالينا تيك على حضور الاجتماعات والمحافل بالانكليزية رغم فهمهم المحدود لهذه اللغة.‏ وبقيت الحال على هذا المنوال حتى تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٦٤ حين تشكلت في اورنج ووك جماعة ناطقة بالاسبانية تألفت من ٢٠ ناشرا انتقلوا من الجماعة الانكليزية.‏

خلال ثمانينات القرن العشرين،‏ اجبرت الحرب الاهلية في السلفادور وغواتيمالا كثيرين على الهرب الى بيليز القريبة من هذين البلدين.‏ وكان من بينهم بعض عائلات الشهود الناطقة بالاسبانية والتي ضمت شيوخا،‏ خداما مساعدين،‏ وفاتحين.‏ فساهم هؤلاء في توسع الحقل الاسباني،‏ وآزرهم مرسلون يجيدون لغتين اتوا من بلدان اخرى ناطقة بالاسبانية.‏

‏‹المسيحيون الحقيقيون يكرزون من باب الى باب›‏

ذات يوم،‏ قرعت امرأتان غريبتان باب مارڠريتا سالاسار في اورنج ووك وسألتاها:‏ «هل تعرفين شاهدة ليهوه تدعى مارڠريتا سالاسار؟‏».‏ وكانت الزائرتان،‏ تيوفيلا البالغة من العمر ٢٣ سنة وأمها،‏ قادمتين من قرية اوڠست پاين ريدج التي تبعد ٣٤ كيلومترا جنوب غرب اورنج ووك.‏ فما الذي دفعهما الى البحث عن مارڠريتا؟‏

توضح تيوفيلا:‏ «قبل حوالي سنة،‏ وقع طفلي البالغ من العمر تسعة اشهر فريسة المرض الشديد.‏ فركبت شاحنة لآخذه الى قرية بوتس وأنذره لقديسة عذراء تدعى سانتا كلارا.‏ وقد جلست في المقعد الامامي للشاحنة،‏ فراح سائقها القاطن في منطقتنا يكرز لي.‏ فبعد ان سألني لماذا احمل طفلي الى بوتس،‏ اخبرني ان الكتاب المقدس لا يجيز عبادة الصور والتماثيل.‏ فأثار هذا الموضوع اهتمامي جدا.‏ ومع مرور الوقت،‏ اخبرني هذا الرجل الكثير من حقائق الكتاب المقدس التي تعلمها من شهود يهوه».‏

وتتابع تيوفيلا قائلة:‏ «في احدى الرحلات،‏ اخبرني سائق الشاحنة ان المسيحيين الحقيقيين يكرزون من باب الى باب.‏ وأوضح ان شهود يهوه يفعلون ذلك وأنهم يقرأون على الناس آيات مثل صفنيا ١:‏١٤ و ٢:‏٢،‏ ٣‏.‏ لذا ذهبت من باب الى باب في اوڠست پاين ريدج ورحت اقرأ هذه الآيات على جيراني،‏ ممسكة ابني الاكبر بيد وحاملة ابني الاصغر على ذراعي.‏ وفي وقت لاحق،‏ اقترح السائق ان ادرس الكتاب المقدس مع الشهود اذا ما اردت ان اعرف الحق فعلا.‏ وأخبرني عن عائلة سالاسار وأعطاني عنوانها في اورنج ووك.‏ لم اكن قد ذهبت قط الى تلك المنطقة،‏ لذا اصطحبت امي ورحت ابحث عن هذه العائلة».‏

وتتذكر مارڠريتا ذلك الصباح حين زارتها تيوفيلا وأمها.‏ تقول:‏ «طرحتا علي اسئلة كثيرة من الكتاب المقدس وخضنا معا مناقشة طويلة.‏ وقد ارادتا ان تتأكدا من ان شهود يهوه يساعدون الناس على فهم الكتاب المقدس،‏ مهما بعدت المسافة التي تفصلهم عن المهتمين.‏ فأكدت لهما صحة ذلك ووعدتهما ان ازورهما في قريتهما مرة كل اسبوعين لندرس معا الكتاب المقدس».‏

وحين قصدت مارڠريتا وزوجها رامون بيت تيوفيلا في اوڠست پاين ريدج،‏ وجداها قد جمعت ستة راشدين من عائلتها لدرس الكتاب المقدس.‏ اثر ذلك،‏ صار فاتحون من اورنج ووك يرافقون الزوجين سالاسار بانتظام ويقطعون معهما مسافة ٣٤ كيلومترا على الدروب الضيقة الوعرة غير المعبدة ليكرزوا في القرية اثناء عقد درس تيوفيلا وعائلتها.‏ وغالبا ما امضت أَميبيل آلِن الليل هناك كي تتمكن من ادارة دروس مع المهتمين.‏ عام ١٩٧٢،‏ اعتمدت تيوفيلا بعد خمسة اشهر من ابتدائها بدرس في الكتاب المقدس.‏ وفي عام ١٩٨٠،‏ تشكلت جماعة في اوڠست پاين ريدج واعتنق الحق مع مرور السنين ٣٧ عضوا من عائلة تيوفيلا.‏

رحلات الادغال تعطي ثمرها

في حين انصبت الجهود للمناداة بالكرازة في مدينة بيليز والمدن الكبرى في البلد،‏ لم تُغطَّ المقاطعات الريفية بشكل منتظم.‏ فكان المرسلون الاولون قد استخدموا القوارب لبلوغ البلدات الجنوبية،‏ ولكن في وقت لاحق شُقَّت طريق تصل محافظتي ستان كريك وتوليدو الجنوبيتين بباقي البلد.‏ وبعد ذلك،‏ في اوائل عام ١٩٧١،‏ نظَّم الفرع رحلات تبشيرية سنوية دُعيت رحلات الادغال،‏ لنقل رسالة الملكوت الى هنود المايا —‏ الكيكتشي والموپان —‏ في المناطق النائية من الغابات المطيرة في بيليز.‏

وقد تمكن الاخوة والاخوات من الوصول الى البلدات والقرى من دانڠريڠا الى پونتا ڠوردا بسيارات مستأجرة وقوارب من جذوع الاشجار المجوفة،‏ حتى انهم بلغوا بارانكو الواقعة في اقصى الجنوب قرب الحدود الغواتيمالية.‏ وفي بعض الرحلات،‏ كان فريق من الاخوة يستقل شاحنة ڤان ويرافقهم شخصان او اربعة على دراجاتهم النارية ويتوقفون كل ليلة في قرية مختلفة.‏ فيكرز الفريق خلال النهار في القرية فيما يشق ركاب الدراجات اثنين اثنين الدروب الوعرة صعودا نحو المزارع المنعزلة.‏

اما في محيط پونتا ڠوردا فحمل الاخوة حقائب الظهر وراحوا يكرزون من قرية الى قرية.‏ وغالبا ما كان عليهم التحدث الى الزعيم (‏الآلكالدِه)‏ في المكان المخصَّص لاجتماع شيوخ القرية (‏الكابيلدو)‏ قبل نقل البشارة الى باقي القرويين.‏

يروي المرسل راينر تومپسون:‏ «ذات مرة،‏ وصل الاخوة الى احدى القرى والرجال لا يزالون مجتمعين في الكابيلدو يناقشون مسألة حصاد الذرة.‏ وبعد ان انتهوا طلبوا من الاخوة ان يرنموا احدى ترانيم الملكوت.‏ لكنَّ هؤلاء كانوا منهكي القوى ويتضورون جوعا،‏ ولم يكن في متناول ايديهم كتاب ترانيم.‏ رغم ذلك،‏ انشدوا ترنيمة بكل جوارحهم وأدخلوا الفرح الى قلب المستمعين».‏ ومع الوقت،‏ تشكّلت جماعتان في مانڠو كريك ولاحقا في سان انطونيو،‏ احدى كبرى قرى المايا.‏

يوضح سانتياڠو سوسا:‏ «اضطررنا في بعض الاوقات ان نمشي ليلا من قرية الى اخرى بغية التقيد ببرنامج عملنا.‏ وقد تعلمنا ان نسير في وسط الدرب الواحد خلف الآخر لنتدارك خطر الافاعي المتغلغلة بين الاشجار الكثيفة على جانبي الطريق.‏ كما تعلمنا ان نطفئ ظمأنا من ساق النباتات كلما نفد منا الماء».‏

كان الفريق احيانا يُقسَّم الى مجموعات من شخصين او اربعة للمناداة بالبشارة في مختلف انحاء القرية،‏ ليلتقوا مجددا في المساء حول وجبة طعام اعدّها اثنان منهم لم يذهبا الى الكرازة.‏ يتذكر سانتياڠو وهو يضحك ضحكة خافتة:‏ «كان العشاء احيانا غريبا عجيبا!‏ فالبعض منا لم تكن لديهم ادنى فكرة عن الطهي.‏ فذات مرة،‏ نظرت الى الطبق المعدّ وسألت الطاهي:‏ ‹ما هذا؟‏›.‏ فأجابني:‏ ‹لا ادري ولكنه طعام›.‏ وحين رأينا ان الطاهي نفسه لا يعرف ماذا اعدّت يداه ارتأينا ان نحوّل كلبا هزيلا شاردا الى حقل تجارب ونعطيه شيئا من الطعام ليتذوقه.‏ فرفض الكلب ان يقضم منه ولو قضمة واحدة يسدّ بها جوعه!‏».‏

هنود الكيكتشي يعتنقون الحق

انتقل رودولفو كوكوم وزوجته اوفيليا من كوروزال الى قرية بعيدة في الجنوب يقطنها هنود الكيكتشي تدعى كريك ساركو.‏ كانت اوفيليا قد ترعرعت في ربوع هذه القرية التي لم يزرها الشهود إلّا في رحلات الادغال السنوية.‏ وحين كانت في الرابعة عشرة من عمرها تقريبا،‏ وجدت كتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية تحت شجرة برتقال وراحت تقرأه.‏ وكم تعطشت الى معرفة المزيد!‏ لكنها لم تشفِ غليلها إلّا بعد ان تزوجت وسكنت مع زوجها رودولفو في كوروزال،‏ حيث درسَا الكتاب المقدس مع فاتحين خصوصيين هما مارثيال ومانويلا كاي.‏

وفي عام ١٩٨١،‏ انتقل الزوجان كوكوم الى كريك ساركو وأرادا الاتصال بالشهود.‏ فذهب رودولفو الى پونتا ڠوردا للبحث عنهم في رحلة استغرقت على الاقل ست ساعات اما سيرا على الاقدام او على متن مركب عبر به النهر والبحر.‏ وأخيرا وصل الى پونتا ڠوردا والتقى دونالد نيبرودجي،‏ فاتح رتّب ان يدرس مع الزوجين بالمراسلة.‏ لكن المشكلة هي انه لم يوجد مكتب بريد في كريك ساركو.‏

يروي دونالد:‏ «سألت في مكتب البريد بپونتا ڠوردا كيف يمكنني ان ابعث رسائل الى كريك ساركو،‏ فقيل لي ان الكاهن يقصد المنطقة مرة في الاسبوع».‏ وهكذا،‏ راح الكاهن ينقل مراسلاتنا ذهابا وإيابا طوال ستة اشهر تقريبا دون ان يدرك انه كان يعمل ساعي بريد لشهود يهوه.‏

ويضيف دونالد:‏ «حين اكتشف الكاهن الامر استاء كثيرا ورفض ان يحمل بعد ذلك اية رسالة تخصنا».‏

خلال تلك الاشهر الستة،‏ سافر دونالد عدة مرات الى كريك ساركو ليدرس مع الزوجين كوكوم.‏ ومع رحلة الادغال التالية،‏ بدأ رودولفو يشترك في خدمة الحقل.‏ يقول دونالد:‏ «اصطحبناه معنا اربعة ايام وبشرنا في قرى عديدة.‏ فأحرز تقدما ملحوظا بفضل معاشرة الاخوة اثناء الرحلة».‏

يوضح رودولفو:‏ «بدأنا انا وأوفيليا نكرز بمفردنا لأهالي قريتنا ونخبرهم بما تعلمناه.‏ فواجه الذين درست معهم مقاومة اشد من تلك التي واجهناها.‏ حتى ان بعضهم حُرموا حقهم من المواد الغذائية والادوية والثياب المتبرَّع بها للقرية.‏ وقد قاومتنا حماتي ايضا مقاومة شديدة.‏ فأدركنا انا وأوفيليا اننا لن نحرز اي تقدُّم روحي في كريك ساركو.‏ وبما اننا رغبنا في حضور الاجتماعات،‏ انتقلنا الى پونتا ڠوردا حيث تابعنا درس الكتاب المقدس،‏ تقدمنا روحيا،‏ واعتمدنا عام ١٩٨٥».‏ واليوم تحضر عائلة كوكوم مع جماعة ليديڤيل،‏ حيث يخدم رودولفو خادما مساعدا.‏

رحلات بحرية تأتي بصيد روحي وفير

أُقيمت رحلات بحرية سنوية هدفها نقل البشارة الى سكان الجزر وأهالي القرى المتناثرة على طول الخط الساحلي.‏ ففي تلك الايام،‏ استحال الوصول برًّا الى قرى مثل هوپكنز،‏ ساين بايت،‏ پلاسينسيا،‏ پونتا نيڠرا،‏ وكذلك الى مونكي ريڤر تاون.‏ مثلا،‏ استقل پوليتو بڤينز مركبه المخصَّص لصيد الكركند حين لم يكن هنالك موسم صيد واصطحب معه فاتحَين ومرسلَين في رحلة انطلقت من الشمال الى الجنوب.‏ وقد دامت هذه الرحلة اسبوعين توقفوا خلالها في كل قرية او بلدة في طريقهم.‏

اما دونالد نيبرودجي،‏ الذي شارك مرارا في رحلات الادغال والرحلات البحرية السنوية،‏ فيتذكر بحنين يوم استعاروا قارب أمبرونسيو هِرنانديس الشراعي وركبوا البحر.‏ اثر ذلك بدأ أمبرونسيو،‏ المعروف باسمه التحبُّبي بوتشو،‏ يدرس هو ايضا الكتاب المقدس مع الشهود.‏

يقول دونالد:‏ «في السنة التالية،‏ وضع اربعة منا خطة ترمي الى السفر جنوبا في رحلة بحرية مدتها اسبوعان.‏ لكن بحلول ذلك الوقت كان بوتشو قد باع قاربه.‏ فوصى بصيّاد آخر رحب بنقلنا على متن مركبه برفقة معاونه وبوتشو.‏ وهكذا انطلقنا نحن الفاتحين الخصوصيين الاربعة،‏ اي انا وزوجتي مع أخ وزوجته،‏ برفقة هؤلاء الصيادين الثلاثة.‏ وفي هذه الرحلة،‏ بدأ بوتشو يشترك في خدمة الحقل.‏ وحين وصلنا الى ميناء پلاسينسيا،‏ اذا بنا امام قوارب كثيرة راسية هناك،‏ فكرزنا من قارب الى قارب.‏ وكان الصيادان غير المؤمنَين داعمين جدا لنا اثناء هذين الاسبوعين.‏ فذات مرة،‏ عدنا بعدما قضينا يوما بكامله ننادي بالبشارة في احدى القرى،‏ لنجدهما وقد ابتاعا الدجاج وأعدّا لنا الطعام على موقد صغير يعمل بالكاز».‏ وعندما حان موعد الرحلة البحرية في السنة التالية،‏ كان بوتشو قد اتخذ خطوة المعمودية.‏ ولا يزال يخدم كشيخ في جماعة مدينة بيليز منذ ١٨ سنة.‏

مقاطعة غير معينة تنتج ثمرا

تزدان محافظة توليدو الجنوبية بتلالها المتموجة وغابتها المطيرة الكثيفة.‏ وتتناثر في ربوعها قرى يقطنها هنود الكيكتشي والموپان في بيوت ارضها ترابية وسقفها من القش.‏ ويعيش معظم القرويين في تلك البقاع حياة شاقة،‏ فهم يكدحون لإنجاز اعمال المزارع المرهقة بمجارفهم البدائية البسيطة.‏ وخلال ايام القحط،‏ يعتمدون على سواعدهم لنقل الماء الى الحقل لزراعة الذرة،‏ الفاصولياء،‏ والكاكاو.‏ وتنكب نساء كثيرات على اعمال التطريز المشهورة في تراث هنود الكيكتشي وصنع السلال التي تُباع لحوانيت التذكارات في كل انحاء البلد.‏ لكن هذه الضياع تشهد نزوح شبابها الذين يؤمّون المدن المكتظة طلبا للعلم او سعيا وراء لقمة العيش.‏

عام ١٩٩٥،‏ دُعي فرانك وأليس كاردوزا ليخدما في محافظة توليدو كفاتحين خصوصيَّين وقتيَّين خلال شهري نيسان (‏ابريل)‏ وأيار (‏مايو)‏ بغية المساهمة في توزيع نشرة اخبار الملكوت رقم ٣٤ بعنوان «لماذا الحياة ملآنة جدا بالمشاكل؟‏».‏ يتذكر فرانك:‏ «لقد اشتركت في احدى رحلات الادغال السنوية الى هذه المنطقة،‏ ورأيت ان يد المساعدة تُمد بشكل افضل الى شعب المايا اذا ما انتقل احد الى هنا.‏ فاقترح الفرع عليّ استئجار منزل للمبيت،‏ انشاء فريق لدرس الكتاب المقدس،‏ وإلقاء الخطاب الخصوصي في سان انطونيو.‏ وكان علينا توزيع اخبار الملكوت هناك وفي ثماني قرى اخرى».‏

فعقدت عائلة كاردوزا درس الكتاب الاسبوعي في الطابق السفلي المستأجر المؤلف من غرفة واحدة فقط.‏ وفي غضون اسابيع قليلة،‏ بدأت ثلاث او اربع عائلات تحضر الاجتماعات.‏ وقد رافق هؤلاء المهتمون عائلة كاردوزا الى پونتا ڠوردا لحضور مدرسة الخدمة الثيوقراطية واجتماع الخدمة على متن شاحنة مهترئة راحت تشق طريقها عبر الدروب الترابية الوعرة في رحلة تستغرق ساعة من الوقت.‏ في ذلك الشهر الاول،‏ ألقى فرانك الخطاب الخصوصي في سان انطونيو.‏ فكان هاسوس ايتش الذي يحضر للمرة الاولى يصغي بانتباه شديد لكل كلمة يتفوه بها الخطيب.‏ وقد تأثر جدا لاكتشافه ان عقيدة نار الهاوية التي تعلمها في الكنيسة الناصرية تتأصل جذورها في الوثنية وأن الهاوية في الكتاب المقدس ما هي سوى المدفن العام للجنس البشري.‏ فأخذ فرانك جانبا بعد الاجتماع وانهال عليه بوابل من الاسئلة.‏ وإثر ذلك،‏ باشر بدرس الكتاب المقدس واعتمد في السنة التالية.‏

عند انتهاء فترة الشهرين التي خدم فيها الزوجان كاردوزا كفاتحين خصوصيَّين وقتيَّين،‏ وجدا نفسيهما امام قرار صعب.‏ يتذكر فرانك:‏ «عقدنا دروسا كثيرة بحيث لم يطاوعنا قلبنا وضميرنا ان نعود ادراجنا الى بيتنا المريح في ليديڤيل.‏ ورأينا انه في حال بقينا في سان انطونيو نستطيع ان نوفر لأنفسنا ظروفا معيشية افضل،‏ وذلك باستئجار الطابق العلوي بدلا من السفلي في البيت الذي سكنّاه.‏ وفي مقدوري ان اركِّب مغسلة صغيرة،‏ قناة لتجميع مياه الامطار،‏ وربما في وقت لاحق مرحاضا مزوّدا بسيفون.‏ كما يمكنني ان اجهّزه بالامدادات الكهربائية اللازمة.‏ فصلينا الى يهوه بشأن هذه المسألة،‏ وكلنا ثقة بأن جماعة ستتشكل في هذه المنطقة اذا ما بارك هو جهودنا.‏ ثم كتبنا الى الفرع وأعلمناهم عن استعدادنا للبقاء في سان انطونيو كفاتحَين عاديين».‏

وسرعان ما تبين ان القرار الذي اتخذه الزوجان حظي ببركة يهوه.‏ فبعد ستة اشهر فقط،‏ اي في تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏،‏ عُقد اول اجتماع عام في بيتهما المستأجر.‏ وبحلول نيسان (‏ابريل)‏ من العام التالي،‏ بدأ عقد مدرسة الخدمة الثيوقراطية واجتماع الخدمة في سان انطونيو.‏ فكم تنفس الفريق الصغير الصعداء لأنه لم يعد عليه قطع مسافة ٦٥ كيلومترا ذهابا وإيابا الى پونتا ڠوردا لحضور الاجتماعات!‏

‏«تهديداته لم توقف مسيرتي في الحق»‏

ما لبث تلامذة الكتاب المقدس المخلصون في سان انطونيو ان احرزوا تقدما ملحوظا وعمقت محبتهم للحق بشكل مؤثر فعلا.‏ يوضح فرانك:‏ «النساء في هذه القرى خجولات جدا،‏ وهن بحكم الاعراف خاضعات لآبائهن وأزواجهن.‏ وليس من عاداتهن التحدث الى الغرباء.‏ لذا لم يكن من السهل عليهن بتاتا الاشتراك في الكرازة من باب الى باب».‏

لنأخذ مثلا فتاة العشرين ربيعا پريسيليان شو.‏ فرغم انها كانت لا تزال ناشرة غير معتمدة،‏ اتقدت رغبة في الكرازة لجيرانها في المنطقة.‏ وذات مرة،‏ وقعت في ورطة فيما كانت تقوم ببعض الزيارات المكررة بصحبة زوجة اخيها أماليا شو.‏

تتذكر پريسيليان:‏ «لم اخبر ابي انني ذاهبة للكرازة لأنه سبق ان منعني عن فعل ذلك وكنت اخافه كثيرا.‏ وفي صبيحة ذلك الاحد رأيناه فجأة يقف امام الكنيسة المعمدانية التي كان يرتادها.‏ فانحنينا وتوارينا خلف النباتات كي لا يرانا.‏ لكنني ما لبثت ان قلت لأماليا:‏ ‹انت تعلمين ان يهوه يراقبنا.‏ لذا ليس ابي من يجب ان نخافه،‏ بل يهوه›».‏

ولا حاجة للقول ان والد پريسيليان استشاط غضبا حين رآهما.‏ ولكن لاحقا بات عليها مواجهة قضية اخطر.‏ فقد راح يقاومها بشراسة كي لا تغدو شاهدة ليهوه.‏ فبقيت تصلي بحرارة حتى اليوم السابق للمحفل الذي نوت ان تعتمد فيه.‏ واستجمعت اخيرا الشجاعة لتطلع والدها على قرارها.‏

فقالت له:‏ «سأذهب غدا الى مدينة بيليز».‏

فسألها:‏ «وما حاجتك الى الذهاب الى تلك المدينة؟‏».‏

اجابت:‏ «سأعتمد في المحفل الذي سيُعقد فيها.‏ فأنا سأفعل ما يريده يهوه مني.‏ انا احبك يا ابي،‏ ولكن ينبغي ان احب يهوه ايضا».‏

فردّ عليها غاضبا:‏ «هل انت جدية في ما تقولينه؟‏».‏

قالت پريسيليان:‏ «نعم،‏ فالآية في اعمال ٥:‏٢٩ تقول ان عليّ ان اطيع اللّٰه لا الناس».‏

فغادر والدها المكان والشرر يتطاير من عينيه.‏ وتتذكر ما حدث لاحقا فتقول:‏ «لم اشعر بالامان حتى استقللت الشاحنة وانطلقنا الى وجهتنا لحضور المحفل.‏ صحيح انني لم استطع التكهن بما قد يفعله بي حين اعود،‏ غير انني علمت يقينا انني سأكون حينذاك اختا معتمدة،‏ ولن آبه حتى لو قتلني لأنني أكون قد فعلت الصواب».‏

رغم ان والدها لم يؤذها لدى عودتها الى المنزل،‏ لكنه هددها لاحقا بالقتل.‏ تقول:‏ «حين رأى ان تهديداته لم توقف مسيرتي في الحق،‏ لان موقفه تجاهي».‏

مقاوم يقف الى جانب يهوه

في خضم الازدهار الروحي الذي شهده فريق الناشرين الغيارى المشكَّل حديثا في سان انطونيو،‏ تلقى الزوجان كاردوزا فجأة رسالة من مجلس القرية تعلمهما بوجوب مغادرتهما المنطقة.‏ في وقت سابق،‏ كان فرانك قد حصل على اذن من المجلس للاقامة في سان انطونيو عندما دفع بعض الرسوم المتوجبة عليه.‏ والآن ثمة عضو بارز في القرية ينوي طرده وزوجته.‏ فدافع عنه ثلاثة من الذين يدرس معهم الكتاب المقدس في اجتماع عقده المجلس.‏ ثم تكلم صاحب البيت الذي يسكن فيه فرانك وأنذر اعضاء المجلس انهم سيضطرون الى دفع ايجار البيت عوض فرانك اذا ما ترك المنزل هو وزوجته.‏ بعدئذ،‏ قدَّم فرانك رسالة من دائرة الاراضي مفادها ان كل من يستأجر ملكية خاصة لا يمكن ان يُطلَب منه المغادرة.‏ وفي نهاية المطاف،‏ سمح المجلس لآل كاردوزا بالبقاء.‏

اما الشخص الذي حرّض على طردهما فكان باسيليو أه،‏ زعيم سابق في القرية يُحسب له حساب في المعترك السياسي.‏ فاستغل كل نفوذه ولم يعدم وسيلة ليقاوم شهود يهوه في سان انطونيو.‏ وحين سعى الفريق الصغير ليجدوا ملكية يبنون فيها قاعة ملكوت،‏ انذرهم قائلا:‏ «لن تروا اليوم الذي تنشئون فيه قاعة ملكوت في هذه القرية!‏».‏ رغم ذلك،‏ حصل الاخوة على الملكية وأقاموا فيها قاعة ملكوت جمعت بين البساطة والاناقة.‏ وعندما آن يوم التدشين في كانون الاول ‏(‏ديسمبر)‏ ١٩٩٨،‏ دُهش الجموع لرؤيتهم باسيليو بين الحاضرين.‏ فما الذي اتى به يا تُرى؟‏

لقد كان ابنان من ابناء باسيليو المتزوجين يتخبطان في المشاكل العائلية.‏ فطلب من الكنيسة مرتين ان تمد لهما يد المساعدة،‏ لكنها لم تحرِّك ساكنا.‏ ولما بدأ ابناه يدرسان الكتاب المقدس مع شهود يهوه،‏ لاحظت والدتهما ماريا التحسن الملموس الذي طرأ على عائلتيهما بعدما اجريا تعديلات مهمة في حياتهما.‏ فطلبت هي الاخرى درسا في الكتاب المقدس.‏

تقول:‏ «رغبت من كل قلبي ان اعرف يهوه اللّٰه وقلت لزوجي انه علينا الذهاب الى قاعة الملكوت لنتعلم المزيد عنه».‏ رغم ان باسيليو لم يكن قد تخلص من مشاعر الضغينة تجاه الشهود وبالتحديد تجاه «ذلك الغريب» —‏ كما كان يدعو فرانك كاردوزا —‏ فقد تأثر بما شهده من تحسن ملحوظ في حياة ولديه اللذين دأبا على تطبيق حقائق الكتاب المقدس.‏ فقرر ان يباحث الشهود هو بنفسه.‏ وبعد عدة جلسات وافق على درس الكتاب المقدس.‏ ومن اختار ليعقد الدرس معه؟‏ لا احد سوى «ذلك الغريب» فرانك كاردوزا!‏

يوضح باسيليو:‏ «ما قرأته في الكتاب المقدس غيّر رأيي.‏ لقد اعتنقت الكاثوليكية طوال ٦٠ سنة وأشعلت البخور امام الاصنام في الكنيسة.‏ اما اليوم فما اتعلمه عن يهوه مسطَّر في كلمته،‏ الكتاب المقدس.‏ وأنا اشعر بالخجل لانني كنت فظا مع فرانك كاردوزا،‏ الذي هو اليوم اخ لي.‏ ولست خائفا من الاقرار بخطإي.‏ لقد نبعت تصرفاتي من غيرتي على امور ظننتها لمصلحة قريتي وديني.‏ لكنني توقفت الآن عن ممارسة تقاليد المايا المتعلقة بالشفاء الارواحي الشائع في قرانا،‏ ولم اعد متورطا في الحركات السياسية لشعب المايا».‏ واليوم باسيليو وزوجته ماريا هما ناشران معتمدان يخدمان يهوه بفرح.‏

يذيع صيت شهود يهوه لتحلّيهم بروح المحبة والفرح والغيرة.‏ ففي المناطق النائية في بيليز يسير الناشرون ثلاث ساعات او اكثر في التلال الشديدة الانحدار لبلوغ اصحاب البيوت،‏ وهم يبذلون قصارى جهدهم ايضا كي لا يفوّتوا اي اجتماع.‏ خذ مثلا اندريا ايتش،‏ التي عُيّنت لتلعب في احدى الامسيات دور صاحبة البيت في احد مواضيع مدرسة الخدمة الثيوقراطية.‏ في ذلك اليوم،‏ كانت قد قطعت ثلاثة الى خمسة كيلومترات عبر الادغال لتجمع الاڤوكادو مع ابنائها.‏ وفيما هي منكبة على مهمتها،‏ أُصيبت بـ‍ ٢٣ لسعة زنبور.‏ لكن ذلك لم يحل دون عودتها الى البيت وإعداد وجبة طعام لعائلتها،‏ ثم الذهاب الى الاجتماع والقيام بالدور الموكل اليها.‏ ورغم ما سببته اللسعات من انتفاخ في وجهها،‏ فقد انارته اشراقة الفرح والحبور.‏ فيا له من مثال مشجع!‏ وكم من المشجع ايضا ان نرى اخوتنا وأخواتنا الاعزاء من شعب المايا وهم يشعون سعادة لاتحادهم في عبادة الاله الحقيقي يهوه في المحافل،‏ رغم عناء السفر بالشاحنة او الباص ربما يوما كاملا!‏

الاعاصير تجتاح بيليز

على مدى ١١٥ سنة،‏ ضرب بيليز ٥١ اعصارا وعاصفة مدارية.‏ ومنذ عام ١٩٣٠،‏ اجتاح البلد او مرّ بقربه ١٢ اعصارا سبّبت اضرارا جسيمة وأزهقت العديد من الارواح.‏ ومن اسوئها اعصار هاتي الذي ضرب في الساعات الاولى من صبيحة ٣١ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ١٩٦١ وحمل معه رياحا سرعتها ٣٠٠ كيلومتر في الساعة وموجة عاتية مريعة حصدت مئات القتلى.‏ فطُمرت ارض مدينة بيليز،‏ التي لا ترتفع سوى ٣٠ سنتيمترا عن سطح البحر،‏ بـ‍ ٣٠ سنتيمترا من الوحل.‏ وأورد تقرير من الفرع:‏ «لقد نزلت ببيوت معظم اخوتنا [في مدينة بيليز] اضرار جسيمة او دُمّرت شرّ تدمير،‏ ولكن احدا منهم لم يصب اصابة خطيرة.‏ كما انهم خسروا ثيابهم او قضت عليها المياه.‏

‏«وتقوم الجرافات بإزالة الردم من الشوارع وتلتهم النيران بقايا البيوت المدمرة.‏ وهنا في بيت [المرسلين]،‏ علت المياه حوالي ٦٠ سنتيمترا وألحقت بالمبنى اضرارا بالغة.‏ اما في الخارج فبلغ علو المياه حوالي ثلاثة امتار،‏ .‏ .‏ .‏ لكنّ بيت المرسلين بُني لحسن التوفيق فوق مستوى الشارع.‏ .‏ .‏ .‏ لا يمكن ابتياع سوى القليل من الطعام .‏ .‏ .‏،‏ ولا يزالون ينبشون الجثث».‏

وبعد عشرة ايام،‏ اخبر الفرع:‏ «الاوضاع [في دانڠريڠا] اشد هولا من الحالة هنا [في مدينة بيليز].‏ فالناس مجبرون على المساهمة في عمليات الاغاثة ثماني ساعات يوميا للحصول على قسائم لشراء اية سلعة مهما كان نوعها.‏ فالجيش يحكم قبضته على كل شيء بحيث لم يعد للمال اية فائدة».‏ وقد لاقى صبيّان مصرعهما وكُسرت رجلا والدهما حين انهار عليهم البيت.‏ وكان هذان الولدان ناشرين نشيطين،‏ أحدهما في الثانية عشرة من عمره تمتع بصيت حسن بسبب الشهادة التي قدمها لأساتذته في المدرسة.‏

وقد مرّت عين الاعصار بين مدينة بيليز ودانڠريڠا،‏ حيث عانى معظم الاخوة خسارة جزئية او شاملة لمنازلهم وممتلكاتهم.‏ وفي الايام التي تلت الاعصار،‏ اعلن الحاكم حالة الطوارئ وفرض منع التجول واستدعى الجيش البريطاني ليدعموا هذه الاجراءات ويطلقوا النار على كل مَن يستغل الوضع ليقوم بعمليات السلب والنهب.‏ فكانوا اذا ما امسكوا برجل او امرأة او ولد وهو يخرق قانون منع التجول يسوقونه ويلقونه في السجن فيبيت فيه طوال الليل.‏

رغم الفوضى التي عمت في تلك الفترة،‏ أُعيد عقد الاجتماعات بانتظام ونظِّمت نشاطات خدمة الحقل حالما استطاع الاخوة ذلك.‏ صحيح ان الامر لم يكن سهلا بسبب وجود كثيرين في الملاجئ وغرق الساحات في الماء والوحل،‏ لكنّ الناس كانوا بأمسّ الحاجة الى رسالة بشارة الملكوت المعزية.‏ فبذل شهود يهوه التضحيات في سبيل ايصال هذه الرسالة اليهم.‏

ورغم الاحوال المعيشية الصعبة،‏ تشجع الاخوة في بيليز كثيرا حين لمسوا مدى محبة وسخاء الشهود القاطنين في البلدان الاخرى.‏ فقد ارسلت الفروع الاجنبية خمسة وعشرين صندوقا من الثياب والمواد الاخرى توزعت على الشهود وغيرهم من سكان بيليز.‏ ولما كان مكتب الفرع وقاعة الملكوت بين الابنية القليلة التي صمدت في وجه الاعصار،‏ طلبت السلطات استخدام قاعة الملكوت كملجإ يلوذ به الناس بعد الاعصار،‏ فوافق الاخوة بكل طيب خاطر.‏ *

‏«هل تصلّين من اجلنا يا سيدة پرات؟‏»‏

في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٠٠٠،‏ اجتاح سان پيدرو في جزيرة كاي طيلة ثلاثة ايام اعصار كايث ترافقه رياح سرعتها ٢٠٥ كيلومترات في الساعة وأمطار جارفة.‏ كما غرقت ليديڤيل،‏ على بُعد ١٦ كيلومترا شمال مدينة بيليز،‏ تحت ثمانين سنتيمترا من المياه جراء هطول الامطار مدة ثلاثة ايام متتالية،‏ ما دفع اثنين وأربعين اخا الى اللوذ بقاعة محافل ليديڤيل.‏ اما في كاي كوكر فقد دُمرت معظم البيوت دمارا شاملا.‏ وخسر الناشرون السبعة والخمسون في امبرڠْريس كاي وكاي كوكر معظم ممتلكاتهم.‏ كما انقطعت الكهرباء والمياه والاتصالات الهاتفية في الجزيرتين كلتيهما طوال اسابيع عديدة.‏ فأعلن رئيس الوزراء محافظات بيليز وأورنج ووك وكوروزال،‏ وكذلك جزيرتَي امبرڠْريس كاي وكاي كوكر،‏ مناطق منكوبة.‏ وفُرض حظر التجول في المنطقة التي اجتاحها الاعصار للحدّ من عمليات السلب والنهب.‏

في كاي كوكر،‏ سمعت فاتحة خصوصية تدعى سيسيليا پرات التحذيرات بشأن الاعصار،‏ فهيأت حقيبتها استعدادا للهرب الى ملجإ آمن اذا ما ضرب الاعصار المنطقة.‏ وفي ذلك اليوم،‏ كانت قد جمعت تقارير خدمة الحقل من ١٢ اختا ونوَت ان تستقل القارب بعد الظهر وتتوجه الى البر الرئيسي لتسلمها الى الفرع.‏ لكنها بعدما سمعت التحذير لفّت التقارير بتأنٍّ بالبلاستيك ووضعتها في الحقيبة المهيأة للطوارئ.‏ وكما كان متوقعا،‏ اضطرت سيسيليا وبعض الاخوات ان يلذن بمدرسة من اسمنت،‏ فيما التمست الباقيات منهن الحماية في المركز الاجتماعي.‏

تروي سيسيليا:‏ «انتزعت الرياح سقف الزنك في غرفة الصف التي أوينا اليها.‏ فحملنا متاعنا وهرعنا الى غرفة اخرى.‏ شعرنا وكأن المبنى بكامله يهتز بفعل الرياح رغم انه مصنوع من الاسمنت.‏ وحين اختلسنا النظر الى الخارج خلنا نفسنا في وسط البحر،‏ اذ رأينا المياه تحيط بنا من كل حدب وصوب دون اي اثر لليابسة.‏ فبقينا نحن الفريق الصغير معا،‏ ورحنا نصلي بحرارة.‏ وكان الذعر يسيطر على الاشخاص الاربعين في الغرفة الذين انتموا الى ديانات مختلفة.‏ فمنهم من قال:‏ ‹هذه يد اللّٰه›.‏ واقترب مني مبشر كاثوليكي بثياب مدنية وسألني:‏ ‹هل تصلين من اجلنا يا سيدة پرات؟‏›.‏ فأجبته:‏ ‹لا استطيع.‏ فأنا امرأة،‏ وليست لدي قبعة أضعها على رأسي›.‏ فقال لي الرجل:‏ ‹لديّ قبعتي›.‏ لم اكن متأكدة انني استطيع ان اصلّي من اجل كل الحاضرين،‏ لكنني وددت لو يعرف هؤلاء الاشخاص ان يهوه ليس مسبِّب الاعصار.‏ لذا صلّيت بصوت عال والفريق الصغير الى جانبي بحيث تصل كلماتي الى مسامع الجميع.‏ وما ان انهيت صلاتي وقال كل مَن في الغرفة ‹آمين› حتى هدأت الرياح!‏ ففي تلك اللحظة كانت عين الاعصار تمر في المنطقة.‏ فقال المبشر الكاثوليكي:‏ ‹يا لها من صلاة فعالة!‏ ان إلهك هو الاله الحقيقي›.‏ وبعد هذه الحادثة،‏ اصرّ الجميع ان نلازمهم نحن الشاهدات الخمس،‏ وراحوا يقدمون لنا الطعام والقهوة طوال الايام الثلاثة التالية.‏

‏«لكن القلق بدأ يساورني بشأن الناشرات الاخريات.‏ لذا غادرت الملجأ عندما هدأت الريح في صبيحة اليوم التالي للبحث عنهن.‏ وإذا بي اشاهد الاشجار وقد هوت على الارض والدمار يهيمن على المنطقة.‏ فبعض البيوت أُزيحت ١٠ الى ١٥ مترا من مكانها بفعل الريح.‏ بحثت اولا في المركز الاجتماعي فوجدت اختين وبناتهما.‏ وعثرت ايضا على اخت بقيت على قيد الحياة بعدما اطاح الاعصار بمنزلها».‏

اثر هذه الكارثة التي حلت بالمنطقة،‏ بات صعبا على الفرع تجميع تقارير خدمة الحقل من الجماعات التي ابتلتها العاصفة الهوجاء.‏ لكن اول التقارير التي وصلتهم كانت من كاي كوكر.‏ فقد حافظت سيسيليا عليها في حقيبتها وسلمتها يدا بيد للإخوة الذين اتوا من الفرع ليطمئنوا عليهم.‏

في الاسابيع التالية،‏ تلقى الاخوة في الجزيرتين المنكوبتين مؤن اغاثة،‏ وكذلك مساعدة عملية امدّهم بها متطوعون ساهموا في تنظيف وترميم البيوت المتضررة وقاعة الملكوت في امبرڠْريس كاي.‏

يخبر ميرل ريتشرت،‏ عضو من الفريق العامل في كاي كوكر:‏ «اهتممنا اولا بتأمين المنامة للاخوة والترتيب لتوزيع المؤن.‏ وفي اليوم التالي،‏ باشرنا ترميم بيوت الناشرين.‏ وصبيحة يوم الاحد ذهبنا كلنا في خدمة الحقل.‏ ثم اعددنا مكانا لنعقد فيه الاجتماعات في فناء منزل احدى الاخوات،‏ فصنعنا مقاعد للحضور ومنصة من ارومة شجرة جوز هند عتيقة.‏ وعيّنا موعد الاجتماع ليتلاءم مع حظر التجول الذي حدِّد عند الساعة الثامنة مساء.‏ فحضر ٤٣ شخصا الخطاب العام ودرس برج المراقبة».‏

الاجتماع للتعلم من يهوه

في اواخر ستينات القرن العشرين،‏ استُخدمت خيمة لعقد محافل في مختلف انحاء البلد.‏ لكنّ نصب خيمة كبيرة يستغرق اياما من العمل المضني.‏ يوضح سانتياڠو سوسا:‏ «كنا نبدأ العمل في اوائل الاسبوع،‏ ننصب الخيمة،‏ ونأتي بالمقاعد الطويلة من قاعة الملكوت ونستعير الكراسي.‏ وفي تلك الايام،‏ كانت هنالك كفيتيريا في المحافل،‏ فاضطررنا الى استعارة القدور والمقالي والبقاء في اغلب الاحيان مستيقظين طيلة الليل لنطبخ وننهي العمل الموكل الينا.‏ ولكن احيانا كانت العاصفة تهب في الليل وتقضي على كل تعبنا.‏ فنقوم في اليوم التالي ونعيد كل شيء الى نصابه انما دون اي تذمر او تشكٍّ».‏

وتتذكر جيني تومپسون محفلا عُقد في احدى المناطق الريفية بين مدينة بيليز وأورنج ووك.‏ ففي تلك المناسبة،‏ اضطر الاخوة الى قطع الاشجار المجاورة لقاعة الملكوت قبل نصب الخيمة وترتيب المقاعد.‏ تخبر جيني:‏ «في نهاية المطاف،‏ امطرت طوال انعقاد المحفل الكوري حتى فاضت المياه تحت الخيمة.‏ فجلسنا وأسندنا ارجلنا الى المقاعد امامنا.‏ ولم ندرك آنذاك ان الافاعي المرجانية تغزو المنطقة من حولنا.‏ لقد درأت الامطار خطر تلك الافاعي عنا حين احتجزتنا في الخيمة بقرب قاعة الملكوت ومنعتنا من التجول في الغابات المكتظة بتلك المخلوقات السامة».‏

في سبعينات القرن العشرين،‏ بات بالامكان عقد المحافل في جزيرة مدارية صغيرة تدعى بيردز آيل تقع على بعد ١٢٠ مترا تقريبا مقابل رأس مدينة بيليز الجنوب الشرقي.‏ فكان صاحبها قد بنى فيها قاعة حفلات مسقوفة بالقش ومزودة بالكهرباء والماء والمراحيض.‏ فأنشأ الاخوة جسرا خشبيا يصل البر الرئيسي بالجزيرة ويسهّل الوصول الى هذا المكان الهادئ لعقد العديد من المحافل.‏

في آذار (‏مارس)‏ ١٩٨٣،‏ استؤجرت من الحكومة ارض في ليديڤيل لبناء قاعة محافل.‏ في البداية،‏ اقام الاخوة مبنى مؤقتا لعقد المحافل الدائرية والكورية،‏ وغيرها من الاجتماعات.‏ ولكن لاحقا في عام ١٩٨٨،‏ ابتيع بناء فولاذي من غواتيمالا ليُستخدم في ليديڤيل كقاعة محافل دائمة.‏

التقدم في الحقل الصيني

يهاجر الصينيون الى بيليز منذ عشرينات القرن العشرين،‏ ويتمتع كثيرون منهم بقراءة مطبوعاتنا بلغتهم الام.‏ تخبر روبرتا ڠونزالِس:‏ «رغبت في الكرازة لامرأة تايوانية ودية تملك مخبزا.‏ كنت ادرك ان الدين لا يهمها وألاحظ نمط حياتها المحموم.‏ لكنني علمت ان لديها ابنا وابنة مراهقين.‏ فأعطيتها ذات مرة وأنا في مخبزها نسخة من كتاب اسئلة يطرحها الاحداث بالصينية وطلبت منها ان تقرأه وتعطيني رأيها فيه.‏ وبعد مرور بضعة ايام،‏ فيما كنت مارة بسيارتي بقرب مخبزها،‏ اخذت تلوّح لي بحماسة شديدة.‏ وحين توقفت،‏ اخبرتني انها تنتظر عودتي بفارغ الصبر منذ تركت الكتاب بين يديها.‏ وأوضحت لي ان معظم المراهقين في العائلات التايوانية يواجهون مشاكل اثر هجرتهم الى بيليز.‏ وبما انها شعرَت انهم جميعا بحاجة الى قراءة كتاب اسئلة يطرحها الاحداث،‏ طلبت من ابنها ان يحصي عدد العائلات التايوانية في البلدة التي تضم اولادا في سن المراهقة.‏ اثر ذلك،‏ اوصتني على ١٦ كتابا كي تهدي واحدا لكلٍّ من هذه العائلات».‏

في تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٠٠٠،‏ رتب الفرع لإعطاء مقرر بالمندَرينية مدته ثلاثة اشهر للفاتحين والناشرين الراغبين ان يتولوا الكرازة للجالية الصينية في مقاطعتهم.‏ وعمَّ اسفر هذا المجهود؟‏ لقد تشكل فريق صيني يضم عددا من الفاتحين نما اخيرا ليصبح جماعة ناشطة.‏ ورغم المقاومة الشديدة،‏ يتجاوب البعض مع البشارة ومع المحبة التي تظهرها لهم هذه الجماعة.‏

على سبيل المثال،‏ قبِل مونجي تشن درسا في الكتاب المقدس عام ٢٠٠٦.‏ في البداية،‏ ثنّى افراد عائلته على الخطوة التي اتخذها.‏ لكنهم سرعان ما راحوا يستهزئون به ويقاومونه.‏ وفجأة باعت العائلة كل ممتلكاتها بما فيها المتجر الذي كان يديره مونجي وأمهلوه ساعة ليتخلى عن دينه الجديد وينتقل معهم الى بلد آخر.‏ لكنه رفض التنكُّر لإيمانه فسافرت عائلته وتركته صفر اليدين.‏ فانتقل مونجي ليعيش مع احد الاخوة وتابع درس الكتاب المقدس وحضور الاجتماعات بانتظام.‏ يقول مونجي:‏ «نمّيت علاقة وثيقة بيهوه فاعتنى بي ولم يتخلَّ عني.‏ كما انني تقويت بدرس الكتاب المقدس والتأمل فيه وكذلك بالدعم والتشجيع اللذين احاطني بهما الاخوة».‏

اعتمد مونجي في تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ٢٠٠٨،‏ وتحسن موقف عائلته بعدما لمسوا تغييرا في سلوكه وكلامه.‏ يضيف مونجي:‏ «لم توقعني طاعة يهوه في الفقر والعوز،‏ ولا شك انها ادخلت السعادة الى قلبي.‏ فيهوه لم يتركني بل ضمّني الى معشر اخوة تجمعه الوحدة والمحبة».‏

فرع المكسيك يشرف على العمل في بيليز

بعدما نظرت الهيئة الحاكمة في حاجات عمل الملكوت وناقشتها مع لجنتي الفرع في بيليز والمكسيك،‏ رأت ان يشرف فرع المكسيك على العمل في بيليز.‏ فوُضع هذا القرار موضع التنفيذ في ١ كانون الثاني (‏يناير)‏ ٢٠٠١،‏ وأدى الى فوائد جمة نعِم بها الاخوة في هذه البقعة من العالم وساهمت في منحهم السعادة.‏

ومذاك،‏ يشرف فرع المكسيك على بناء عدد من قاعات الملكوت في بيليز.‏ فدُشنت قاعة ملكوت مزدوجة ذات تصميم بسيط في ١٦ آذار (‏مارس)‏ ٢٠٠٢.‏ وفي اليوم التالي،‏ أُقيم برنامج تدشين لبيت المرسلين الجديد الجميل ولقاعة المحافل التي تم تجديدها في ليديڤيل.‏ وكثيرون ممّن خدموا يهوه بأمانة طوال خمسة او ستة عقود كانوا بين الحاضرين،‏ وتمتعوا بخطاب التدشين الذي ألقاه ڠِريت لوش من الهيئة الحاكمة.‏ ويجرى عمل البناء على قدم وساق منذ تأسيس «فرقة بناء قاعات الملكوت»،‏ التي ساهمت في اقامة ٢٠ قاعة ملكوت في انحاء البلد.‏

عام ٢٠٠٧،‏ وفد من المكسيك الى بيليز ٣٢٥ فاتحا ليشتركوا في تغطية المقاطعات التي نادرا ما تُخدم.‏ فكان لزيارتهم ابلغ اثر في تعزيز روح الكرازة في البلد،‏ اذ ارتفع عدد الفاتحين بشكل ملحوظ.‏

فيما راح قادة الكنائس في بيليز يصلّون الى اللّٰه ملتمسين منه درء خطر الاعاصير عن البلد،‏ نال شهود يهوه ارشادات عملية مسبقة تساعدهم على مواجهة حالات الطوارئ في موسم الاعاصير لعام ٢٠٠٧.‏ وكم شعروا بالامتنان لهذه الارشادات حين اجتاح المنطقة في آب (‏اغسطس)‏ اعصار دين المصنَّف من الفئة الخامسة!‏ فتم اجلاء كافة الشهود المعرضين للخطر وأُنزلوا ضيوفا عند اخوتهم في المناطق الآمنة.‏ وبعد ان ولّى الاعصار،‏ توافد الشهود من كل اقطار البلد ليساهموا في ترميم المنازل وقاعات الملكوت،‏ ما حدا بإذاعة محلية الى مدح شهود يهوه وتشجيع الناس ان يحذوا حذوهم.‏

توحيد الناس من كل الامم

يبلغ اليوم عدد الناشرين في بيليز بفضل بركة يهوه اكثر من ٨٠٠‏,١ شخص،‏ بنسبة ناشر واحد لكل ١٤٩ مواطنا.‏ كما شهد عام ٢٠٠٩ حضورا هائلا في الذِّكرى نسبته شخص واحد لكل ٣٩ مواطنا،‏ ما يبشِّر بنمو كبير في المستقبل.‏

لقد دأب شهود يهوه في بيليز على عمل التلمذة طوال ثمانين سنة تقريبا،‏ فأدت غيرتهم المتقدة هذه الى ولادة معشر اخوة نشيط روحيا يضم اناسا من مختلف الاجناس والاعراق توحدهم «لغة نقية»،‏ لغة الحق عن اللّٰه ومقاصده.‏ ويعمل الشهود في بيليز «كتفا الى كتف» مع اخوتهم وأخواتهم الروحيين حول العالم فيستخدمون اللغة النقية لينادوا على الملإ ببشارة الملكوت ويعطوا المجد والتسبيح لإبينا المحب يهوه.‏ —‏ صف ٣:‏٩‏.‏

‏[الحاشيتان]‏

^ ‎الفقرة 7‏ بقيت بيليز حتى عام ١٩٧٣ تُعرف باسم هندوراس البريطانية.‏ لكننا سنستخدم في النص الاسم بيليز ما لم تتطلب القرينة خلاف ذلك.‏

^ ‎الفقرة 123‏ ادّى هذا الاعصار الى انتقال العاصمة من مدينة بيليز الى بلموپان الواقعة داخل البلد.‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٢٤]‏

‏«اخبرني سائق الشاحنة ان المسيحيين الحقيقيين يكرزون من باب الى باب»‏

‏[النبذة في الصفحة ٢٣٤]‏

‏«ليس ابي من يجب ان نخافه،‏ بل يهوه»‏

‏[الاطار في الصفحة ٢٠٨]‏

لمحة عن بيليز

اليابسة:‏

يرتفع السهل الساحلي تدريجيا حتى يعانق قمم جبال مايا في الجنوب.‏ وتأوي الغابات الجكوار،‏ الپوما،‏ قرد سَتَنْتوُر الاسود،‏ خنزير المجلاح،‏ الاغوانة الخضراء،‏ التمساح بالاضافة الى ٦٠ نوعا تقريبا من الافاعي،‏ مثل افعى السنان الشديدة السمّيّة.‏ كما تزخر هذه الادغال بحوالي ٦٠٠ نوع من الطيور،‏ كالمَقْو القرمزي المهدّد بالانقراض والطُّوقان الجُؤجُئيّ الاخّاذ.‏ اما الحياة البحرية فتشكيلة غنية من المرجان والاسفنج وأبي مصقار وخروف البحر والبركودة والقرش الحوتي وغيرها من الروائع المائية.‏

الشعب:‏

تضم بيليز خليطا من الاجناس،‏ منها شعب المايا (‏هنود الكيكتشي والموپان واليوكاتيكو)‏،‏ الكريوليون (‏المتحدرون من اندماج سلالات افريقية وأوروبية)‏،‏ شعب المستيزو (‏المتحدر من تزاوج الاسبان والمايا)‏،‏ شعب الڠاريناڠو (‏الناشئ عن اختلاط الافريقيين بالكاريب)‏،‏ الهنود الشرقيون،‏ اللبنانيون،‏ الصينيون،‏ والاوروبيون بمن فيهم المينّونيون الالمان والهولنديون.‏

اللغة:‏

الانكليزية هي اللغة الرسمية في بيليز.‏ وتشيع ايضا بين السكان لغات كثيرة اخرى مثل الكرييولية،‏ الاسبانية،‏ الڠاريفونية،‏ الكيكتشي،‏ المايانية،‏ الالمانية،‏ والمندَرينية.‏

سبل العيش:‏

يعمل معظم السكان في زراعة وتصدير قصب السكر والفواكه المدارية.‏ ويكسب كثيرون ايضا رزقهم من الصيد والسياحة.‏

الطعام:‏

يُغني تعدّد الحضارات المطبخ المحلي بتشكيلة متنوعة من الاطعمة الشهية المذاق.‏ ومن الاطباق التقليدية المفضلة طبق الفاصولياء المطبوخة مع الارزّ في حليب جوز الهند.‏ وهو يقدَّم في اغلب الاحيان مع السمك او الدجاج او لحم البقر المقلي او المطبوخ،‏ وموز الجنة الناضج المقلي.‏ اما ثمار البحر الشهية فهي من المأكولات الشعبية التي تزخر بها بيليز.‏

المناخ:‏

تتسم بيليز بمناخ شبه مداري رطب وحار بسبب موقعها على الساحل الكاريبي في اميركا الوسطى.‏ وتتعرض بين الحين والآخر لاجتياح الاعاصير المدارية الهوجاء.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٢١٥]‏

الڠاريناڠو ينجذبون الى الحق

بڤرلي آن فلوريس

تاريخ الولادة:‏ ١٩٦١

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٩٣

لمحة عن حياتها:‏ ڠاريفونية تبنت الحق وتساعد اليوم شعبها ليتعلموا عن يهوه.‏

يرقى شعب الڠاريناڠو (‏كلمة بصيغة الجمع مفردها ڠاريفونا)‏ الى اوائل القرن السابع عشر حين تزاوج العبيد والكاريب،‏ سكان البلد الاصليون.‏ وهم يتحدثون الڠاريفونية،‏ لغة من لغات شعوب الارواك يتخللها شيء من الفرنسية والسواحلية.‏

اما الدين الذي يعتنقه الڠاريناڠو فمزيج من التقاليد الافريقية والهندية-‏الاميركية المصطبغة بالكاثوليكية على نحو ملحوظ.‏ على سبيل المثال،‏ يقيم هذا الشعب شعيرة الدوڠو المتسمة بممارسات معقّدة.‏ ويرمي هذا الاحتفال الى تهدئة الاسلاف الموتى من خلال تقديم الطعام والشراب لهم.‏ تقول بڤرلي:‏ «لم تؤمن امي بطقس الدوڠو.‏ فهي لم تصدق ان اللّٰه يوافق على دفن هذه الكمية الكبيرة من الطعام.‏ ولطالما سمعتها تقول:‏ ‹لقد صُنع الطعام ليأكله الناس!‏ وإذا كان الذين ماتوا يحبوننا حقا،‏ فلِمَ يعودون ليؤذونا؟‏!‏›».‏

وتتابع بڤرلي لتوضح ما الذي حدث عندما عرفت الحق:‏ «لأنني ڠاريفونية،‏ قررت ان اقصد دانڠريڠا لأنقل البشارة الى شعبي.‏ فقد كنت متأكدة ان معظمهم سيتجاوبون افضل اذا ما تحدث اليهم واحد منهم.‏ وهذا ما حصل فعلا.‏ فكثيرون يتوقفون ويصغون حين اتكلم الڠاريفونية،‏ كما بدأ عديدون منهم يعاشرون الجماعة.‏ وقد لمسوا لمس اليد ان بإمكانهم التحرر من التقاليد التي تتنافى مع تعاليم الاسفار المقدسة دون ان تقضي عليهم الارواح الشريرة».‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٢١٨]‏

‏«كان يهوه يحيطنا دائما بعنايته»‏

ليلي ميلر

تاريخ الولادة:‏ ١٩٢٨

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٦٠

لمحة عن حياتها:‏ ربّت ستة اولاد بمفردها وهي تخدم كامل الوقت منذ ٤٧ سنة.‏

تروي ليلي بصوتها الدافئ وهي تستعيد ذكرياتها:‏ «عام ١٩٥٩،‏ تحدثت إليّ أَميبيل آلن عن الكتاب المقدس.‏ وكانت الكنيسة قد حذرتنا من كل هؤلاء ‹الانبياء الكذبة› الذين يذهبون من بيت الى بيت.‏ لذا وافقتُ على درس الكتاب المقدس شرط ألّا نستخدم غيره في مناقشتنا.‏ وهكذا تبنيت الحق واعتمدت في السنة التالية.‏

«في بداية الامر،‏ لم يكن من السهل عليّ ابدا ان اكرز بالبشارة.‏ فقد كانت يداي ترتجفان بحيث تصيران عاجزتين تقريبا عن حمل الكتاب المقدس.‏ لكن رغبتي في اخبار الآخرين بما كنت اتعلمه باتت ‹كنار متقدة قد حُبست في عظامي›،‏ كما قال ارميا،‏ فلم استطع الاحجام عن التكلم بالحق سواء لقيت آذانا صاغية ام لا».‏ —‏ ار ٢٠:‏٩‏.‏

وكيف استطاعت ليلي ان توفِّق بين تربية اولادها وخدمة الفتح؟‏ تقول:‏ «صليت الى يهوه بشأن هذه المسألة فدعمني وبارك مسعاي.‏ فكنت استيقظ عند الثالثة والنصف فجرا ثلاث مرات في الاسبوع لأصنع البسكويت،‏ ثم أخبزه في فرن الحطب انا وبناتي.‏ فيأتي الناس ويصطفون الواحد تلو الآخر لشرائه ساخنا.‏ وبعد ان تنفد كمية البسكويت،‏ يذهب اولادي الى المدرسة وأنا الى خدمة الحقل.‏ وفي كل محننا،‏ كان يهوه يحيطنا دائما بعنايته».‏

تخدم ليلي في كوروزال كفاتحة منذ عام ١٩٦٩.‏ وقد ساعدت ٦٩ شخصا على اتخاذ خطوة المعمودية.‏ اما ابنها الاكبر واثنتان من بناتها فانخرطوا هم ايضا في الخدمة كامل الوقت.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ٢٢٧،‏ ٢٢٨]‏

رحلات الادغال —‏ الكرازة في الغابة المطيرة

تروي مارثا سيمونس:‏ «في آذار (‏مارس)‏ ١٩٩١،‏ اجتمع ٢٣ اخا وأختا من كل انحاء البلد في پونتا ڠوردا للانطلاق في مغامرة مدتها عشرة ايام والمناداة بالبشارة في اعماق الغابة المطيرة.‏ فشملت اغراضنا اضافة الى الملابس والبطانيات والاراجيح الشبكية مطبوعات بالانكليزية والاسبانية والكيكتشي.‏ وحملنا ايضا طعاما يتضمن قطعا من الحلوى تكفي لكامل الرحلة.‏

«في صبيحة اليوم التالي،‏ ركبنا البحر المتموّج في قارب خشبي صُنع بتجويف شجرة السِّيبة (‏او شجرة القطن الحريري)‏ الضخمة.‏ وحين بلغنا قرية كريك ساركو انزلنا حمولتنا وأقمنا فيها مخيّمنا.‏ فبدأ الاخوة يثبّتون الاراجيح فيما راحت الاخوات يطبخن احد الاطباق المفضلة لدينا —‏ طبق ذيل الخنزير —‏ الذي هو عبارة عن يخنة مؤلفة من المنيهوت،‏ اليام،‏ موز الجنة،‏ جوز الهند،‏ البيض المسلوق،‏ وطبعا ذيل خنزير.‏ وما ان تناهت الى مسامع هنود الكيكتشي اننا وصلنا حتى تدفقوا نحونا ليلقوا علينا التحية.‏ وهكذا كرزنا لكامل القرويين في غضون ساعتين.‏ تلك الليلة،‏ نام الاخوة في الاراجيح تحت مركز الشرطة الذي رفعته بعض الدعائم عن سطح الارض.‏ اما الاخوات فنمن في الكابيلدو المسقوف بالقش والمخصَّص لاجتماع شيوخ القرية.‏

«وفي اليوم التالي،‏ نقلنا متاعنا مجددا الى المركب وتابعنا طريقنا عبر النهر فصادفنا امكنة اكتست بغطاء كثيف من جذور نبات القَرَام اضفى عليها جوا مظلما ومخيفا.‏ وبعد نحو نصف ساعة،‏ ترجلنا من القارب ومشينا ساعة ونصفا عبر الادغال باتجاه قرية ساندايوود.‏ فرأينا هناك أناسا صغار القدّ،‏ شعرهم اسود وأملس،‏ وبشرتهم سمراء داكنة.‏ كان معظمهم حفاة القدمين وارتدت النساء التنانير المحلية وتزينت بحلى من الخرز.‏ اما البيوت المسقوفة بالقش وذات الارض الترابية فلم تحوِ تقسيمات داخلية او اثاثا غير الاراجيح الشبكية.‏ وفي الخارج يرى الناظر بقرب البيوت موقد طبخ للعموم.‏

«كان الناس وديين جدا،‏ واهتموا كثيرا بما قلناه.‏ وقد تأثروا خصوصا حين اريناهم المطبوعات بالكيكتشي وأشرنا الى الآيات في كتبنا المقدسة بتلك اللغة ايضا.‏

«صباح اليوم التالي،‏ استيقظنا على اصوات الديوك وطيور الغابة وقرود السَّتَنْتور.‏ فتناولنا فطورا شهيا ومغذيا قمنا بعده بزيارات مكررة لكل مَن ابدى اهتماما برسالتنا في اليوم السابق.‏ وباشرنا دروسا عديدة في الكتاب المقدس،‏ ثم شجعنا التلامذة على الاستمرار في الدرس بمفردهم حتى نعود اليهم في السنة المقبلة.‏ وبعد مغادرتنا القرية،‏ تتالت الايام على هذا المنوال ونحن نتوغل في الغابة المطيرة وننتقل بين القرى النائية.‏

«بعدنا قضينا عشرة ايام سعيدة في الغابة،‏ عدنا ادراجنا وفي جعبتنا ذكريات مؤثرة عن المسافات الطويلة التي قطعناها والقرى العديدة التي زرناها والناس الذين التقيناهم.‏ وصلينا الى يهوه ملتمسين منه حماية البذور التي زرعناها حتى عودتنا في السنة التالية.‏ كانت اجسامنا منهكة القوى وأرجلنا يضنيها الالم،‏ لكن قلوبنا فاضت بالشكر ليهوه لأننا اشتركنا في رحلة الادغال هذه السنة».‏

‏[الاطار/‏الصورتان في الصفحتين ٢٣٥،‏ ٢٣٦]‏

افراد من المايا يأتون الى محبة يهوه

هورهيه ونيكولاس شو (‏مع اختهما پريسيليان)‏

تاريخ الولادة:‏ ١٩٦٩ و ١٩٧١

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٩٧

بيئتهما:‏ تقتضي تقاليد المايا احترام الوالدين وإطاعتهما طاعة مطلقة،‏ حتى من قبل الراشدين المتزوجين.‏

حين تعرّف نيكولاس وهورهيه بيهوه اللّٰه وعمقت محبتهما له،‏ بدآ يشتركان في النشاطات المسيحية.‏ فعارضهما ابوهما وقاومهما مقاومة ضارية.‏

يقول نيكولاس:‏ «اوضحت لأبي انني اتعلم امورا مفيدة.‏ فلم يشاركني فرحي وحماستي بسبب انتمائه الى الكنيسة المعمدانية.‏ ولأنني لم ارغب في جرح مشاعره توقفت عدة مرات عن درس الكتاب المقدس.‏ لكنني ادركت انني لا ارسم المثال الجيد لأولادي وأنا اعاقر الكحول مع ابي.‏ حتى ان التعاسة خيّمت عليهم وعلى زوجتي وغيّبت كل ابتسامة عن وجوههم.‏

«ما ان بدأت ادرس الكتاب المقدس وأحضر الاجتماعات المسيحية بانتظام حتى بدأ الحق يصوغني ويحررني من مسلكي الرديء.‏ فصرت أكدّ في عملي لأعيل عائلتي،‏ واستخدمت كل مدخولي لسدّ حاجاتهم.‏ واليوم صارت خدمة يهوه شغلنا الشاغل وبات صدى الضحكات السعيدة يُسمع في ارجاء بيتنا».‏

عاش ايضا اخوه هورهيه الوضع نفسه.‏ فقد قاست عائلته بسبب ادمانه الكحول وكلامه البذيء وغيابه الدائم عن البيت في نهايات الاسابيع.‏ ولكن سرعان ما تحسن سلوكه تحسنا ملحوظا بفضل درس الكتاب المقدس.‏

يخبر هورهيه:‏ «كلما احرزت تقدّما روحيا ازدادت مقاومة ابي لي.‏ فدعانا الانبياء الدجالين وهددنا بسكينه الكبير اكثر من مرة.‏ وكان الاخ كاردوزا الذي درست معه الكتاب المقدس قد حاول إعدادنا مسبقا لهذه المقاومة.‏ فسألني مرة:‏ ‹ماذا لو طلب منك ابوك ان تغادر ارض العائلة؟‏›.‏ فأجبته:‏ ‹ابي يحبني ولن يفعل ذلك بي›.‏ ولكن المحزن ان هذا ما حدث بالضبط.‏

«إلا انني احببت الحقائق التي كنت اتعلمها فانعكس ذلك ايجابا على حياتي وصرت اتحسن شيئا فشيئا.‏ وقد أتت شخصيتي المسيحية الجديدة على عائلتي ببركات كثيرة.‏ فساد بيتنا جو من الاحترام والسعادة.‏ وأنا اليوم اخدم فاتحا عاديا بفضل بركة يهوه،‏ وهذا النشاط يفرحني جزيل الفرح».‏

‏[الصورة]‏

فرانك كاردوزا شهد لهورهيه

‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٢٣٨،‏ ٢٣٩]‏

الخدمة بفرح حيث الحاجة اعظم

ان السفر الى بلد اجنبي للخدمة حيث الحاجة اعظم يُعتبر بحد ذاته خطوة كبيرة.‏ فكم بالاحرى البقاء في حقل اجنبي سنة بعد اخرى؟‏!‏ فهذا يتطلب في اغلب الاحيان جهدا جهيدا والاعراب عن روح التضحية بالذات.‏ وقد واجه العديد من اخوتنا وأخواتنا هذه التحديات بثبات راسخ وفرح عميق.‏

ففي عام ١٩٨٩،‏ مثلا،‏ اتى آرثر وروبرتا ڠونزالِس من الولايات المتحدة ليخدما في بيليز مع طفلهما دالتون البالغ من العمر ثلاث سنوات.‏ تعترف روبرتا:‏ «كان اصعب ما في الامر التخلي عن وظيفة مضمونة براتب جيد للعيش في بلد تكتسحه البطالة».‏

ويثنّي آرثر على كلماتها فيقول:‏ «نعم،‏ لا بد لك ان تثق بيهوه ثقة مطلقة.‏ فكلما قرأتُ في الكتاب المقدس عن ابراهيم اذهلني كيف ترك بيته،‏ عشيرته،‏ وبيئته.‏ لكن يهوه اعتنى به جيدا.‏ ومن الصعوبات التي واجهناها ايضا محاولة فهم لغة الكرييولية التي تُحكى في بيليز.‏ ولكننا اتخذنا من يهوه معتمدنا فكان خير معين لنا».‏

في عام ١٩٩١،‏ ترك فرانك وأليس كاردوزا كاليفورنيا ليخدما فاتحين في بيليز.‏ يقول فرانك:‏ «غرسَت فيّ قراءتي لسفر الاعمال الرغبة في الخدمة الارسالية.‏ ولكن لم يكن لدينا اي امل انا وزوجتي في الالتحاق بمدرسة جلعاد لأننا والدان لأربعة اولاد.‏ لذا ما ان انهت ابنتنا الصغرى سنواتها في المدرسة حتى شعرنا ان فرصة الانتقال الى بلد آخر باتت متاحة لنا.‏ وعندما قرأنا عن بيليز في مجلة برج المراقبة اتخذنا قرارنا».‏

تقول أليس:‏ «وافقت ان اخوض هذه التجربة مدة ثلاث سنوات.‏ لكننا ها نحن هنا منذ ١٨ سنة،‏ وأنا احب جدا الحياة التي نعيشها!‏».‏

يضيف فرانك:‏ «نحن نحب الناس ونحب عملنا،‏ لذلك يسهل علينا التقرب من الذين يحبون يهوه.‏ وتأسيس دروس كثيرة جدا ورؤية الناس يتجاوبون مع الحق جعل من سنواتنا هذه افضل سني حياتنا.‏ ونحن لن نتخلّى عن هذا الامتياز مقابل كنوز الدنيا بأسرها».‏

في عام ١٩٨٨،‏ اتى كارل ومارثا سيمونس من تكساس.‏ تقول مارثا:‏ «كان ولدانا في العاشرة والثامنة من العمر حين وطئت قدمنا بيليز.‏ وقد قضينا اياما كاملة نرافق الجماعة لنبشر معا القرى المنتشرة في ارجاء الغابة.‏ كما عملنا كتفا الى كتف مع اخوتنا هؤلاء في بناء قاعة المحافل.‏ ولطالما امتلأ بيتنا بإخوة وأخوات نزلوا عندنا ضيوفا ايام المحافل.‏ ونحن سعيدان بأن يترعرع ولدانا هنا ويعاشرا الفاتحين الخصوصيين والمرسلين.‏ لا شك اننا شعرنا في بعض الاحيان برغبة جامحة في ركوب الطائرة ومغادرة البلد،‏ وخصوصا في الفترات التي افتقرنا فيها الى الكهرباء والمياه والبطاريات وخطوط الهاتف.‏ ولكننا في الواقع لن نتردد لحظة واحدة ان نعيد الكرَّة ونخدم ثانية في بيليز بكل ما يرافق ذلك من افراح وأتراح.‏ فالخدمة حيث الحاجة اعظم اغنت حياتنا كثيرا».‏

‏[الصور]‏

من اليسار الى اليمين:‏ دالتون،‏ روبرتا،‏ آرثر وأمه مارثا ڠونزالِس

أليس وفرانك كاردوزا

كارل ومارثا سيمونس

‏[الاطار في الصفحة ٢٥٠]‏

‏«لدينا من يهتم بنا!‏»‏

أليخاندرو وربيكا (‏بيكي)‏ لاكاييو

تاريخ الولادة:‏ ١٩٥٠ و ١٩٤٩

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٦٦ و ١٩٥٩

لمحة عن حياتهما:‏ تخرجا من جلعاد عام ١٩٧٢ وخدما مرسلَين في السلفادور،‏ بيليز،‏ نيكاراغوا،‏ المكسيك،‏ وهندوراس.‏ وهما اليوم معيَّنان في العمل الدائري بالولايات المتحدة،‏ لكنهما لا ينسيان ابدا ايام شاركا في عمل الاغاثة ببيليز.‏

كتبت بيكي يوم الاثنين ٢ تشرين الاول (‏اكتوبر)‏ ٢٠٠٠:‏ «لا يزال اعصار كيث يعيث خرابا في المدينة،‏ والامطار تنهمر دون توقف منذ يومين ونصف تقريبا».‏

في اليوم التالي،‏ خفت حدّة الامطار وهدأت العاصفة.‏ فتمكن أليخاندرو والفاتح الخصوصي دونالد نيبرودجي من حمل بعض المؤن الى امبرڠْريس كاي.‏ وزارا هما وشيخان من المنطقة كل ناشري الجماعتين ليطمئنوا على سلامتهم.‏

تتذكر بيكي:‏ «يوم الاربعاء،‏ توافد الاخوة من مختلف انحاء البلد حاملين معهم المأكل والملبس والماء ووضعوها في الفرع لتوزَّع على الاخوة في الجزيرتين.‏ وسرعان ما امتلأت صالة الانتظار والمكتبة بالمؤن».‏

في تلك الاثناء،‏ اخذ أليخاندرو وثلاثة آخرون المؤن الى كاي كوكر،‏ وخاطبوا الاخوة بعبارات تشجيعية اتت في حينها،‏ واشتركوا معا في تقديم الصلوات.‏ فتأثر الشهود وغير الشهود كثيرا بمحبة الاخوة واهتمامهم.‏ فراحت احدى النِّسوة تدمدم قائلة:‏ «لقد قدّمت التبرعات لكنيستي طوال سنوات،‏ لكن احدا لم يكلف نفسه عناء زيارتي والاطمئنان عليّ».‏

كما قالت اخت ودموع الفرح تترقرق على وجنتيها:‏ «انظروا الفرق بيننا وبين الآخرين!‏ فنحن لدينا مَن يهتم بنا!‏».‏

‏[الجدول/‏الرسم البياني في الصفحتين ٢٤٤،‏ ٢٤٥]‏

نبذة تاريخية بيليز

١٩٢٣ جيمس ڠوردن يكرز في بومبا.‏

١٩٣٠

١٩٣٣ فْريدا جونسون تكرز في مدينة بيليز.‏

١٩٣٤ ثاديوس هودجسون يعقد الاجتماعات في مخبزه.‏

١٩٤٠

١٩٤١ اول ناشرين يعتمدون في مدينة بيليز.‏

١٩٤٥ وصول المرسلَين الاولَين.‏

١٩٤٦ تأسيس مكتب الفرع.‏

١٩٥٠

١٩٥٧ منع دخول المزيد من المرسلين.‏

١٩٥٩ بناء مكتب فرع،‏ بيت للمرسلين،‏ وقاعة ملكوت.‏

١٩٦٠

١٩٦١ السماح مجددا بدخول المرسلين.‏

١٩٦١ اعصار هاتي يجتاح بيليز.‏

١٩٧١ جزيرة بيردز آيل تُستخدم للمرة الاولى لعقد المحافل.‏

١٩٨٠

١٩٨٨ بناء قاعة محافل في ليديڤيل.‏

١٩٩٠

٢٠٠٠

٢٠٠٠ اعصار كيث يضرب بيليز.‏

٢٠٠١ فرع المكسيك يُمنح مسؤولية الاشراف على بيليز.‏

٢٠٠٢ تدشين قاعة ملكوت مزدوجة (‏الى اليمين)‏،‏ بيت للمرسلين،‏ وقاعة المحافل المجدَّدة.‏

٢٠١٠

‏[الرسم البياني]‏

‏(‏انظر المطبوعة)‏

مجموع الناشرين

مجموع الفاتحين

٨٠٠‏,١

٢٠٠‏,١

٤٠٠

١٩٣٠ ١٩٤٠ ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٨٠ ١٩٩٠ ٢٠٠٠ ٢٠١٠

‏[الصورة]‏

مركب وعلى متنه اخوة ذاهبون الى المحفل

‏[الخرائط في الصفحة ٢٠٩]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

المكسيك

غواتيمالا

ملتشور دي منكوس

البحر الكاريبي

بيليز

امبرڠْريس كاي

سان پيدرو

كاي كوكر

محافظة كوروزال

كوروزال

محافظة اورنج ووك

اورنج ووك

اوڠست پاين ريدج

محافظة بيليز

بومبا

سانتانا

كروكد تري

بلاك كريك

ليديڤيل

مدينة بيليز

محافظة كايو

بلموپان

بنكِه ڤييهو

محافظة ستان كريك

ستان كريك ڤالي

دانڠريڠا

هوپكنز

ساين بايت

محافظة توليدو

مانڠو كريك

پلاسينسيا

مونكي ريڤر تاون

پونتا نيڠرا

سان انطونيو

پونتا ڠوردا

ساندايوود

بارانكو

كريك ساركو

نهر بيليز

جبال مايا

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٢٠٠]‏

‏[الصورة في الصفحة ٢٠٦]‏

ألفونسينا روباتو وأَميبيل آلِن برفقة ثلاثة فاتحين خصوصيين

‏[الصورة في الصفحة ٢٠٧]‏

هرمن ودرين لايتبرن مع ابنهما ستيڤن

‏[الصورة في الصفحة ٢١٠]‏

مجموعة من الشهود بمدينة بيليز مع عربة فيها مكبّر للصوت في اربعينات القرن العشرين؛‏ (‏١)‏ ثاديوس هودجسون،‏ (‏٢)‏ جورج لونڠسوورث

‏[الصورة في الصفحة ٢١٣]‏

وسّع ايلمر ايهرڠ خدمته الى المناطق المجاورة

‏[الصورة في الصفحة ٢١٤]‏

شجع تشارلز هيين الاخوة على عقد اجتماعات بانتظام

‏[الصورة في الصفحة ٢٢١]‏

مكتب الفرع،‏ بيت المرسلين،‏ وقاعة الملكوت في مدينة بيليز

‏[الصورة في الصفحة ٢٢٣]‏

اول محفل دائري يُعقد كاملا بالاسبانية في قاعة الملكوت في اورنج ووك،‏ عام ١٩٦٨

‏[الصورة في الصفحة ٢٢٩]‏

الفاتحان الخصوصيان مارثيال ومانويلا كاي

‏[الصورة في الصفحة ٢٣٠]‏

قرية نموذجية لهنود المايا في محافظة توليدو

‏[الصورة في الصفحة ٢٤٠]‏

ماريا وباسيليو أه

‏[الصورة في الصفحة ٢٤٦]‏

سيسيليا پرات

‏[الصورة في الصفحة ٢٤٩]‏

تحت خيمة اثناء محفل دائري عُقد في پونتا ڠوردا في ستينات القرن العشرين

‏[الصورة في الصفحة ٢٥١]‏

بيكي وأليخاندرو لاكاييو

‏[الصور في الصفحتين ٢٥٢،‏ ٢٥٣]‏

البناء الفولاذي في الاسفل يُستخدم اليوم كقاعة محافل (‏الى اليسار)‏

قاعة محافل مجدَّدة

‏[الصورة في الصفحة ٢٥٤]‏

اخوة وأخوات في موقع قاعة الملكوت المزدوجة في مدينة بيليز