الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

السكك الحديدية الهندية —‏ عملاق يتربّع على امة بكاملها

السكك الحديدية الهندية —‏ عملاق يتربّع على امة بكاملها

السكك الحديدية الهندية —‏ عملاق يتربّع على امة بكاملها

من مراسل استيقظ!‏ في الهند

منذ اكثر من ٠٠٠‏,٤ سنة،‏ كان هنالك بناؤون يصنعون القرميد في شمالي الهند.‏ ولكن لم يخطر لهم ان هذه القراميد ستُستخدم يوما في شبكة عملاقة من السكك الحديدية تغطّي شبه القارة الهندية.‏

تشكل السكك الحديدية الهندية شبكة عملاقة!‏ فقطاراتها هي وسيلة النقل الرئيسية في الهند،‏ بلد يفوق عدد سكانه البليون.‏ وإضافة الى الرحلات اليومية المعتادة التي يقوم بها السكان عموما،‏ تتطلب التقاليد في الحضارة الهندية ان يزور ملايين العائشين بعيدا اقرباءهم تكرارا لمشاركتهم في الافراح والاحزان،‏ كالولادة،‏ الموت،‏ الاعياد،‏ الزواج،‏ او المرض.‏

كل يوم يجتاز كمعدل اكثر من ٣٥٠‏,٨ قطارا مسافة تقارب الـ‍ ٠٠٠‏,٨٠ كيلومتر،‏ مقِلّا على متنه ما يزيد عن ٥‏,١٢ مليون مسافر.‏ وتحمل قطارات الشحن بضائع يزيد وزنها على ٣‏,١ مليون طن.‏ فتكون المسافة الكاملة التي تجتازها تلك القطارات يوميا اطول من المسافة بين الارض والقمر بثلاثة اضعاف ونصف!‏

فكر في وجود ٨٦٧‏,٦ محطة،‏ ٥٠٠‏,٧ قاطرة،‏ اكثر من ٠٠٠‏,٢٨٠ مقطورة ركاب وعربة شحن،‏ بالاضافة الى طول السكك الحديدية الاجمالي الذي يبلغ ٩٦٩‏,١٠٧ كيلومترا بما فيه السكك الجانبية التي ترتبط بالسكة الرئيسية،‏ وستفهم لماذا تحتاج شركات السكك الحديدية الهندية الى توظيف ما يقارب الـ‍ ٦‏,١ مليون شخص —‏ اكبر قوة عاملة لأية شركة في العالم.‏ نعم،‏ ان شبكة السكك الحديدية هذه عملاق فعلا!‏

كيف وُلد العملاق؟‏

ماذا حثّ على بناء السكك الحديدية في الهند؟‏ متى بدأ تنفيذ هذا المشروع الضخم؟‏ وأي دور لعبته تلك القراميد التي يعود تاريخها الى ٠٠٠‏,٤ سنة؟‏ —‏ انظر الاطار اعلاه.‏

في اواسط القرن الـ‍ ١٩،‏ أنتجت الهند كمية هائلة من القطن الخام كانت تُشحن عبر الطرقات الى المرافئ بغية تصديرها.‏ لكن الهند لم تكن مصدر القطن الرئيسي لمعامل النسيج البريطانية،‏ فمعظم القطن الذي استخدمته اتى من جنوب شرقي الولايات المتحدة الاميركية.‏ غير ان اخفاق محصول القطن الاميركي سنة ١٨٤٦ والحرب الاهلية التي تلته،‏ من السنة ١٨٦١ الى السنة ١٨٦٥،‏ خلقا حاجة ملحة الى الحصول على مخزون بديل.‏ فكان الحل عند الهند.‏ لكنّ تشغيل معامل لانكاشير في انكلترا بصورة دائمة استلزم طريقة اسرع لنقل القطن.‏ وهكذا تأسست «شركة السكك الحديدية في الهند الشرقية» (‏١٨٤٥)‏ و «شبكة السكك الحديدية في شبه الجزيرة الهندية» (‏١٨٤٩)‏.‏ ووُقّعت ايضا اتفاقيات مع شركة الهند الشرقية الانكليزية التي تضمّ اكبر التجار في شبه القارة الهندية.‏ جرى العمل بسرعة،‏ وفي ١٦ نيسان (‏ابريل)‏ ١٨٥٣،‏ انطلق القطار الاول في الهند في رحلة بلغت مسافتها ٣٤ كيلومترا من رصيف الميناء المعروف ببوري باندر في بومباي (‏الآن مَمباي)‏ الى بلدة تانيه.‏

وانطلاقا من بومباي،‏ استلزم بلوغ المنطقة النائية حيث يُنتج القطن عبور سلسلة الجبال الوعرة —‏ الڠات الغربية.‏ وكان المهندسون والعمال البريطانيون بالاضافة الى آلاف العمال الهنود —‏ الذين بلغ عددهم احيانا ٠٠٠‏,٣٠ في الوقت نفسه —‏ يكدحون دون الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.‏ ولارتقاء الهضبات الشاهقة،‏ كانوا السبَّاقين الى استخدام الخطوط الحديدية المتعرِّجة.‏ وقد مدّوها بحيث ترتفع ٥٥٥ مترا كل ٢٤ كيلومترا.‏ وحفروا ٢٥ نفقا بلغ طولها الاجمالي ٦٥٨‏,٣ مترا.‏ وما ان بلغوا هضبة الدّكن،‏ حتى باتت شبكة السكك الحديدية تمتد وتنمو عبر كامل البلد.‏ ولم تكن التجارة وحدها ما أوقد العمل،‏ بل ايضا الحاجة الى نقل الجنود والموظفين بطريقة اسرع،‏ اذ ضاعف البريطانيون مصالحهم في شبه القارة.‏

في القرن الـ‍ ١٩،‏ سهّل السفر بالقطار في الدرجة الاولى على المسافرين القلائل الذين تحملوا كلفة التنقل فيه احتمال الحرّ وحماهم من الغبار.‏ وفي كل عربة خاصة كان هنالك سرير،‏ حمام فيه حوض للاستحمام،‏ نادلون جاهزون لتقديم ما ينعش من الشراب والطعام من الصباح حتى المساء،‏ مروحة موضوعة فوق وعاء يحتوي على الثلج لترطيب الهواء،‏ حلّاق،‏ ومجموعة روايات تشتمل على احدث القصص للكاتب الهندي الأصل رُدْيارد كِپلينْڠ.‏ قال لوِي روسليه،‏ الذي سافر في ستينات الـ‍ ١٨٠٠،‏ انه استطاع «السفر طيلة هذه المسافة الهائلة بقليل من التعب نسبيا».‏

العملاق ينمو

بحلول السنة ١٩٠٠،‏ صارت شبكة السكك الحديدية الهندية خامس اضخم شبكة في العالم.‏ فكل ما كان يُستورد في السابق،‏ من قاطرات ذات محرّكات بخارية وديزل وكهربائية،‏ بالاضافة الى المعدات الاخرى كمقطورات الركاب،‏ صار يُصنّع محليا.‏ وكانت بعض المحركات عملاقة بكل معنى الكلمة —‏ محركات بلغ وزنها ٢٣٠ طنا،‏ محركات كهربائية قدرتها ٠٠٠‏,٦ حصان بخاري،‏ ومحركات ديزل وزنها ١٢٣ طنا وقدرتها ١٠٠‏,٣ حصان بخاري.‏ وفي سنة ١٨٦٢،‏ صُنِع اول قطار في العالم مؤلف من طابقين.‏ وتفتخر الهند بحيازتها الرصيف الاطول في العالم لمحطات السكك الحديدية،‏ الواقع في خراڠپور في البنڠال الغربية،‏ والبالغ طوله ٨٣٣ مترا.‏ كما تعتز بأطول الارصفة المسقوفة التي بلغ طول الواحد منها ٣٠٥ امتار،‏ والتي تقع في شِيالدا،‏ كَلْكُتا.‏

كانت القطارات الاولى تجري على سكك حديدية عريضة.‏ ولكن لتوفير المال،‏ ابتُكرت لاحقا سكك حديدية لم يتخطَّ عرضها المتر،‏ بالاضافة الى السكك الضيقة،‏ التي صُمّمت لارتقاء الهضبات.‏ إلّا انه في السنة ١٩٩٢،‏ استُهلّ مشروع السكة الحديدية الموحّدة.‏ وقد تمّ حتى الآن تحويل ما يقارب الـ‍ ٨٠٠‏,٧ كيلومتر من السكك الحديدية الضيقة والسكك الحديدية البالغ عرضها مترا الى سكك حديدية عريضة.‏

ان القطارات في ضواحي مَمباي تغصّ دوما بملايين المسافرين ذهابا وإيابا.‏ ويمكن ان يحمل المترو في كَلْكُتا يوميا ٧‏,١ مليون راكب.‏ كما أُنشئت في تشينّاي (‏المعروفة سابقا بمَدراس)‏ اول شبكة للسكك الحديدية الهندية المرتفعة.‏ وقد طُوّرت هذه الشبكات حديثا بحيث صار يمكن اجراء الحجز على الكمپيوتر،‏ كما يمكن اللجوء الى اكشاك تزوِّد المعلومات بوسائل متعددة.‏ حقا،‏ ان شبكة السكك الحديدية الهندية عملاق بغاية النشاط والنمو.‏

‏«القطارات الدمى» المبهجة

احبّ المستعمرون البريطانيون الذهاب الى الجبال هربا من حر المدن.‏ وبغية الاسراع في الوصول الى هناك،‏ بوشر بناء السكك الحديدية الجبلية التي تميّزت بـ‍ «القطارات الدمى».‏ وسرعان ما اصبحت الرحلات اسرع —‏ مقارنة بالذهاب على صهوة الجواد او على مِحمل.‏ مثلا،‏ ان «القطار الدمية» في الجنوب،‏ وقد يكون ابطأ قطار في الهند،‏ يحمل ركابه الى تلال نيلڠيري،‏ او الجبال الزرقاء،‏ بمعدل سرعة يبلغ ٤‏,١٠ كيلومترات في الساعة.‏ ولكن يا لها من رحلة ممتعة عبر حقول الشاي والبن التي تكسو الجبال صعودا نحو كونور البالغ ارتفاعها ٧١٢‏,١ مترا!‏ وقد أُنشئت السكة الحديدية التي يجتازها هذا القطار في اواخر القرن الـ‍ ١٩،‏ وهي تشقّ طريقها صعودا بحيث ترتفع مترا واحدا كل ١٢ مترا تقريبا.‏ وتضمّ هذه السكة ٢٠٨ منعطفات و١٣ نفقا.‏ وهي تستخدم نظام أپت المؤلف من قضيب معدني مسنّن يتعاشق مع دولاب القطار المسنن.‏ وهذه القضبان المسننة تعمل كسلّم ترتقيه قاطرة خلفية تدفع القطار من الخلف.‏ ان هذه السكة الحديدية هي من اقدم السكك التي تعمل خطوطها وفق تكنولوجيا القضيب المسنّن ومن اكثر السكك الصعبة المرتقى في العالم.‏

تمتدّ «سكة دارجيلنڠ في جبال الهملايا» صعودا الى اعلى محطة قطار في الهند —‏ ڠوم،‏ التي تعلو ٢٥٨‏,٢ مترا عن سطح البحر.‏ ولهذه السكة خطان حديديّان تفصل بينهما مجرد ٦١٠ ملّيمترات،‏ وهما يرتفعان مترا واحدا كل ٥‏,٢٢ مترا.‏ ويتخذ خطّا السكة في ثلاثة اماكن شكلا حلزونيا وفي ستة اماكن اخرى شكلا متعرجا.‏ والجزء الاشهر من السكة هو منعطف بَتاسيا،‏ حيث يلتفّ الخط الحديدي على شكل حلزوني.‏ هناك يُغوى الركاب بالقفز خارج القطار وتسلّق المنحدرات المكسوة بالعشب بانتظار ان يجتاز القطار المنعطَف.‏ ثم لا يلبثوا ان يهموا بالصعود على متنه.‏ لكنّ اجمل ما في الرحلة هو التمتع برؤية منظر كانتشنجونڠا،‏ ثالث اعلى جبل في العالم.‏ وقد ادرجت منظمة اليونسكو سنة ١٩٩٩ هذه السكة الحديدية في لائحة التراث العالمي،‏ جاعلة مستقبلها اكثر امانا.‏

لبلوغ سِملا —‏ عاصمة الهند الصيفية اثناء الاستعمار البريطاني —‏ التي يبلغ علوها ٢٠٠‏,٢ متر،‏ يعبر القطار ١٠٢ نفقا،‏ ٨٦٩ جسرا،‏ و ٩١٩ منعطفا في مجرد ٩٥ كيلومترا.‏ ويتسنّى للمرء داخل القطار ان يسرّح نظره في المشاهد الطبيعية الخلابة عبر النوافذ العريضة والسقف الشفّاف المصنوع من الزجاج الليفي.‏ نعم،‏ ان «القطارات الدمى» مصدر بهجة حقيقية.‏ ولكن السكك الحديدية الجبلية تكابد الآن خسارة نتيجة ثمن البطاقات المنخفض.‏ لذلك فإن المولعين بالقطارات هم بانتظار حل ينقذ هذه القطارات المبهجة.‏

الرحلة الطويلة

يُقال ان انشاء السكك الحديدية في الهند وسم «نهاية عصر وبداية عصر آخر» وإن «السكك الحديدية شبكت الهند بعضها ببعض كما لم يفعل اي مشروع دمج من قبل».‏ وكم هذا صحيح!‏ فإذا رغبت يمكنك ركوب قطار في جمّو،‏ عند سفوح جبال الهملايا،‏ والوصول الى كانياكوماري في اقصى جنوب الهند،‏ حيث يلتقي البحر العربي،‏ المحيط الهندي،‏ وخليج البنڠال.‏ وأثناء هذه الرحلة،‏ تكون قد اجتزت مسافة ٧٥١‏,٣ كيلومترا عابرا ١٢ ولاية،‏ وقاضيا ٦٦ ساعة على متن القطار.‏ حتى لو اخترت مقطورة بسرير،‏ قد يكلّفك ثمن البطاقة اقل من ١٥ دولارا.‏ ولا ننسى فرصة التعرّف وتبادل الاحاديث مع اشخاص ودودين من مختلف الحضارات،‏ بالاضافة الى استكشاف الكثير مما يقدمه هذا البلد الساحر.‏ فسارع الى الحجز —‏ ورحلة سعيدة!‏

‏[الاطار في الصفحة ١٤]‏

تلك القراميد القديمة

اثناء الحكم البريطاني (‏١٧٥٧-‏١٩٤٧)‏،‏ لعبت السكك الحديدية في شبه القارة الهندية دورا مثاليا في نقل الجنود عبر المسافات البعيدة.‏ فبعد ثلاث سنوات من تدشين اول قطار في الهند،‏ انهمك المهندسون بمدّ الخطوط الحديدية بين كَراتشي ولاهور في ما يدعى اليوم پاكستان.‏ لم يتوفّر حصى الرّصف لتثبيت الخطوط الحديدية،‏ لكنّ العمال وجدوا قرب قرية هاراپا فخارا مجفّفا في افران،‏ اي قراميد.‏ فرأى المهندسان الاسكتلنديان جون ووليَم برانتون انها تشكّل بديلا ملائما واقتصاديا.‏ وحدث اثناء نبش العمال كميات هائلة من القرميد ان اكتُشفت تماثيل صغيرة من طين وختوم منقوشة بلغة مجهولة؛‏ لكن ذلك لم يوقف عمل بناء السكة الحديدية الهام.‏ وقد بُني ١٦٠ كيلومترا من الخطوط الحديدية على القراميد المستخرجة من منطقة هاراپا.‏ وبقي علماء الآثار طيلة الـ‍ ٦٥ سنة التالية يحفرون في موقع هاراپا،‏ ويُخرجون بقايا الحضارة التي ازدهرت في حوض نهر السِّند المذهل،‏ والتي يعود تاريخها الى اكثر من ٠٠٠‏,٤ سنة،‏ الى زمن بلاد ما بين النهرين القديمة.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٦]‏

السكة الحديدية في الكونكان —‏ معجزة عصرية

الكونكان هو شريط ضيّق من الارض يبلغ اقصى عرض له نحو ٧٥ كيلومترا،‏ ويقع على الساحل الغربي للهند،‏ بين البحر العربي وسلسلة جبال السايادري.‏ ويشكلّ الكونكان نقطة تجارية هامة اذ يمتد جنوبا من مَمباي،‏ مركز التجارة الهندي،‏ الى مرفإ منڠالور الرئيسي.‏ لقرون عديدة،‏ نظمت المرافئ الساحلية في الكونكان التجارة،‏ سواء داخل الهند او مع بلدان اخرى.‏ غير ان السفر عبر البحر كان ينطوي على مخاطر،‏ وخصوصا خلال فصل الرياح الموسمية عندما كان يتعذّر عبور الانهر ايضا.‏ كما كانت الطرقات،‏ بالاضافة الى السكك الحديدية الموجودة،‏ متوغّلة جدا في الداخل لتفادي العقبات الطبيعية.‏ وبغية شحن البضائع بسرعة الى الاسواق الكبيرة،‏ وخصوصا البضائع القابلة للفساد،‏ كان الناس في المنطقة يتوقون الى مواصلات مباشرة عبر اليابسة على طول الساحل.‏ فماذا كان الحلّ؟‏

لبّت السكة الحديدية في الكونكان الحاجة،‏ وقد صُنِّف المشروع بأنه الاضخم بين مشاريع السكك الحديدية التي نُفّذت في شبه القارة خلال القرن العشرين.‏ فماذا شمل هذا المشروع؟‏ لقد شمل مدّ ٧٦٠ كيلومترا من الخطوط الحديدية وردم الارض حتى ارتفاع بلغ احيانا ٢٥ مترا،‏ وشقّ الجبال نصفين لتسوية ما بلغ احيانا ٢٨ مترا منها بالارض.‏ كما بُنيَ اكثر من ٠٠٠‏,٢ جسر،‏ بما فيها اطول جسر في آسيا —‏ جسر نهر پنڤال الذي يرتفع ٦٤ مترا ويمتد فوق وادٍ واسع يبلغ عرضه ٥٠٠ متر —‏ بالاضافة الى جسر نهر شاراڤاتي البالغ طوله ٠٦٥‏,٢ مترا.‏ وبغية الحفاظ على استواء السكة الحديدية،‏ وجب اختراق السلاسل الجبلية بحفر ٩٢ نفقا،‏ تعدّى طول ستة منها الـ‍ ٢‏,٣ كيلومترات.‏ وفي الواقع،‏ يشكل احدها،‏ وهو نفق كاربودي البالغ طوله ٥‏,٦ كيلومترات،‏ اطول نفق في الهند الآن.‏

واجه المشروع مشاكل هائلة —‏ المطر الغزير،‏ الانزلاقات الارضية،‏ الانزلاقات الطينية،‏ حفر الانفاق في الصخر الصلب،‏ والاصعب من ذلك حفر الانفاق في التربة الطينية الرخوة التي شُبّهت بمعجون الاسنان.‏ ولكن بواسطة المهارات الهندسية والتكنولوجيا،‏ جرى التغلب على كل هذه العقبات الطبيعية.‏ وكان تأمين التهوئة داخل الانفاق،‏ بالاضافة الى تدابير امنية اخرى،‏ اعمالا شاقة بحد ذاتها.‏ ووجب ايضا الحصول على الاراضي من اكثر من ٠٠٠‏,٤٢ مالك مختلف —‏ مهمة قانونية جسيمة.‏

ولكن في ٢٦ كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٨،‏ بعد عمل بناء دام مجرد سبع سنوات —‏ رقم قياسي بالنسبة الى مشروع بهذه الضخامة —‏ اصبح اول قطار على سكة الكونكان الحديدية جاهزا للسفر.‏ فصارت المسافة من مَمباي الى منڠالور اقصر من مسافة المسالك السابقة الكثيرة التعرج بـ‍ ١٢٧‏,١ كيلومترا،‏ وخُفّضت ساعات السفر ٢٦ ساعة.‏ لقد وفّرت السكة الحديدية في الكونكان لوحات جديدة من المناظر الطبيعية الساحرة للمسافرين بالقطار،‏ وأماكن جديدة مثيرة للاستكشاف للسياح،‏ بالاضافة الى نظام اقتصادي متطور لملايين الناس.‏

‏[الخريطة]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

مَمباي

منڠالور

‏[الصورة]‏

جسر نهر پنڤال هو اطول جسر في آسيا

‏[مصدر الصورة]‏

Dipankar Banerjee/STSimages.‎com

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٦]‏

الملكة الجنيّة

ان اقدم قاطرة بخارية صالحة للتشغيل في العالم هي الملكة الجنيّة.‏ وقد صنعتها سنة ١٨٥٥ شركة كيتسون،‏ طومسون،‏ وهيوويتسون للهندسة في ليدْز،‏ انكلترا.‏ كانت هذه القاطرة تجرّ عربات البريد من محطة هَوراه القريبة من كَلْكُتا الى رانيڠانج في البنڠال.‏ وبعد ان وُضعت خارج الخدمة سنة ١٩٠٩،‏ احتُفظ بها،‏ لبهجة المولعين بالقطارات،‏ في متحف سكة الحديد الوطني في نيو دلهي.‏ لكنّ هذه القاطرة التي لا تزال صالحة للاستعمال أُعيدت الى العمل عند الاحتفال بالسنة الـ‍ ٥٠ لاستقلال الهند.‏ ومنذ السنة ١٩٩٧،‏ يُسمع هدير الملكة الجنية السريعة وهي تنقل السياح مسافة ١٤٣ كيلومترا من دلهي الى ألوار،‏ في راجَسْتان.‏

‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ١٧]‏

الهند تقدم الرفاهية والسرعة!‏

الرفاهية للهند تاريخ قديم وغالبا زاخر.‏ ورحلات القطار الباهظة الثمن الخاصة بأفراد معينين تؤمن سفرا مريحا وتعطي لمحة عن تاريخها.‏ لنأخذ مثلا القصر المتنقل ذا القاطرة البخارية الذي دُشِّن سنة ١٩٨٢.‏ فعرباته،‏ التي حملت في ما مضى الامراء المهاراجا ونواب الملك،‏ جُدِّدت وزُخرِفت كثيرا للمحافظة على الاجواء الملكية التي سادتها في الماضي.‏ واللون اللؤلؤي الابيض المطلية به العربات من الخارج،‏ الالواح الخشبية التي تكسو الجدران من الداخل المصنوعة من خشب شجر الساج في بورما،‏ الثريّات البلَّورية،‏ والاقمشة الفاخرة المطرَّزة الغنية بالالوان،‏ تضفي على المكان بهاء وجلالا.‏ اما مقصورات المنامة الفخمة وغرف الطعام وغرف الاسترخاء والتسلية والمكتبة،‏ بالاضافة الى الاطباق العالمية الشهية،‏ وخدمات النادلين ببدلاتهم الرسمية،‏ فكلها امور تشعر المسافرين بأنهم يُدلَّلون فعلا.‏

غير انه في سنة ١٩٩٥ بعد ان صارت تُستخدَم السكك الحديدية العريضة،‏ بُني قصر جديد،‏ وأوقفت العربات القديمة عن العمل.‏ لكنّ قطارا فخما جديدا يُدعى اللؤلؤة الملكية ظلّ يجري على سكة قديمة يبلغ عرضها المتر في ولايتي ڠودجَرات وراجَسْتان الغربيتين.‏ تسافر القطارات في الليل عموما،‏ ويقضي الركاب نهارهم في زيارة الاماكن السياحية.‏ ويمر المسافرون عبر صحراء ثار،‏ التي تتميّز بحصونها القديمة،‏ قلاعها،‏ وهياكلها.‏ ويمكن للمرء ان يقوم بنزهة عبر الكثبان الرملية على ظهر الجمل،‏ ثم يركب فيلا ليزور قلعة آمبر فورت الشهيرة.‏ وبالقرب من هذه القلعة تقع جَيپور،‏ او المدينة الزهرية اللون،‏ ذات التاريخ الحافل والمعروفة بجواهرها وأعمالها اليدوية.‏ وتشمل الجولة ايضا زيارة محميات الطيور ومحمية لحيوانات الببر،‏ بالاضافة الى موطن الأسود الآسيويّة الوحيدة الباقية في البرية.‏ ولا تفوّت عليك قصر البحيرة في اودايپور،‏ ولا تنسَ تاج مَحَلّ!‏ فكل هذه وغيرها تجعلك تعيش مغامرات شيقة اثناء رحلاتك عبر السكة الحديدية.‏

السرعة لا يمكن للقطارات الهندية ان تضاهي القطارات الفرنسية واليابانية من حيث السرعة.‏ ولكن اذا اراد احد ان يقطع مسافة طويلة في رحلة سريعة ومريحة،‏ يمكنه السفر في الازواج الـ‍ ١٠٦ لقطارات السكة الحديدية الهندية البالغة السرعة التي تتنقل بين المدن.‏ والقطاران راجداني وشاتابِدي اللذان يسيران بسرعة ١٦٠ كيلومترا في الساعة تقريبا،‏ يضاهيان السفر جوًّا من حيث الراحة والتسهيلات.‏ فمقطوراتهما المزوّدة بمكيّفات للهواء تحتوي على مقاعد ذات ظهر قابل للتعديل او اسرة مريحة للنوم.‏ ويشمل ثمن البطاقة على هذين القطارين الفخمَين وجبات الطعام،‏ أغطية السرير،‏ المياه الصالحة للشرب،‏ والعناية الطبية.‏

‏[الخريطة]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

جَيپور

اودايپور

‏[الصور]‏

هاڤا مَحَلّ،‏ جَيپور

تاج مَحَلّ،‏ آڠرا

اللؤلؤة الملكية

داخل «القصر المتنقّل»‏

‏[مصدر الصورة]‏

Hira Punjabi/STSimages.‎com

‏[الخريطة/‏الصور في الصفحة ١٣]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

نيو دلهي

‏[الصور]‏

بعض الخطوط الحديدية الرئيسية

قطار بخاري،‏ زَوار

قطار بخاري،‏ سكة دارجيلنڠ في جبال الهملايا

قطار كهربائي،‏ آڠرا

قطار كهربائي،‏ مَمباي

قطار ديزل،‏ حيدر اباد

قطار ديزل،‏ سِملا

‏[مصدر الصورة]‏

Map: © www.‎MapsofIndia.‎com

‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ١٥]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

مَمباي

‏[الصورة]‏

مَمباي،‏ محطة تشورتشڠايت

‏[مصدر الصورة]‏

Sandeep Ruparel/STSimages.‎com

‏[الخريطة/‏الصورة في الصفحة ١٥]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

تلال نيلڠيري

‏[الصورة]‏

محرّك بخاري يدفع «القطار الدمية» في نيلڠيري صعودا في مسلك شديد الانحدار

‏[الخريطة/‏الصور في الصفحة ١٨]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)‏

دارجيلنڠ

‏[الصور]‏

منعطف بَتاسيا،‏ حيث يلتفّ الخط الحديدي على شكل حلزوني

مشهد خلاب لجبل كانتشنجونڠا من منعطف بَتاسيا

‏[مصدر الصورة في الصفحة ١٤]‏

Trains on pages 2,‎ 13,‎ 15 middle,‎ 16-18: Reproduced by permission of Richard Wallace