دليلك الى السعادة العائلية
احترام رفيق الزواج
يقول وليم: * «حين تستاء راكيل، تسترسل في البكاء فترة طويلة. وإذا جلسنا لنتحدث، فهي اما تتوتر او تلزم الصمت. فتذهب كل جهودي لتسوية الوضع هباء، ما يجعلني راغبا في الاستسلام».
تقول راكيل: «اتى وليم الى البيت فيما كنت ابكي. وحين حاولت ان اشرح له سبب استيائي، قاطعني قائلا ان الامر ليس بهذه الاهمية وما عليّ إلا ان انساه. فأجّج ذلك مشاعر الاستياء لدي».
هل تجد نفسك احيانا في وضع مماثل لوضع راكيل ووليم؟ فمع انهما يرغبان في التواصل، غالبا ما ينتهي الامر بهما الى الفشل. لماذا؟
ان طريقة التواصل تختلف ما بين الرجل والمرأة، ولكلٍّ منهما احتياجاته الخاصة. فالنساء عموما يحببن الاستفاضة في التعبير عن مشاعرهن مرارا وتكرارا. اما الرجال فيحاول كثيرون منهم المحافظة على السلام بإيجاد حلول سريعة وتجنب المسائل الشائكة. فكيف يمكنك ان تمدّ جسور التواصل بينك وبين رفيق زواجك رغم اختلاف شخصيتكما؟ يكمن السر في جعل الاحترام سيد الموقف.
فالشخص الذي يتصف بالاحترام يقدِّر الآخرين ويسعى الى فهم مشاعرهم. ولعلك تعلمت منذ الصغر احترام الذين هم في مركز سلطة او اكثر خبرة منك. اما في الزواج، فالتحدي يتمثل في اظهار الاحترام لمَن هو على قدم المساواة معك: رفيق زواجك. تقول ليندا التي مضى على زواجها ثمانية سنين: «ارى فيليب يصغي بصبر وتفهم مع كل من يتحدث اليه. وأحب ان يعاملني بالطريقة نفسها». لربما انت ايضا تصغي بصبر واحترام الى الاصدقاء وحتى الغرباء. ولكن هل تراعي مشاعر رفيق زواجك؟
ان عدم الاحترام يخلق التوتر في البيت ويؤدي الى نزاع مرير. قال ملك حكيم: «لقمة خبز جافة مصحوبة بالسلام خير من بيت مليء بذبائح ويسوده الخصام». (امثال ١٧:١، ترجمة تفسيرية) لذا يوصي الكتاب المقدس الزوج ان يكرم زوجته، اي يحترمها. (١ بطرس ) كذلك على الزوجة «ان تحترم زوجها احتراما عميقا». — ٣:٧افسس ٥:٣٣.
فكيف يمكن ان يتسم التواصل بينكما بالاحترام؟ تأمل في بعض النصائح العملية الموجودة في الكتاب المقدس.
حين يكون لدى شريك حياتك ما يقوله
المشكلة:
كثيرون يحبون التكلم اكثر من الاصغاء. فهل انت واحد منهم؟ يحذرنا الكتاب المقدس: «مَن يُجِب عن امر قبل ان يسمعه، فذاك حماقة له». (امثال ١٨:١٣) لذلك من الضروري الاصغاء قبل التكلم. لماذا؟ تقول كارا بعد ٢٦ سنة من الزواج: «افضِّل ألا يحاول زوجي حل مشاكلي على الفور. حتى انه ليس من الضروري ان يوافق على سبب المشكلة او يحلِّل ما هو. فكل ما اريده هو ان يعيرني اذنا صاغية ويقدِّر مشاعري».
من ناحية اخرى، يتردد بعض الرجال والنساء في التعبير عن انفسهم، وينزعجون حين يلحّ عليهم رفيق زواجهم ان يسكبوا مشاعرهم. خذ على سبيل المثال لوري التي تزوجت حديثا. فقد اكتشفت ان زوجها يلزمه وقت طويل كي يفضي بمكنونات قلبه. تقول: «عليّ ان اتحلى بالصبر وأنتظره حتى يبدأ بالافصاح عما في داخله».
الحل:
اذا اردت ان تناقش مع رفيق زواجك مسألة تثير خلافا كبيرا، فقم بذلك حين تكونان هادئين ومرتاحين. وماذا لو احجم عن التعبير عن رأيه بصراحة؟ تذكَّر هذا القول الحكيم: «الرأي في قلب الانسان مياه عميقة، وذو التمييز يستقيه». (امثال ٢٠:٥) فإذا سحبت دلوا من البئر بسرعة كبيرة، تندلق منه مياه كثيرة. وبشكل مماثل، فإن شدة الاصرار قد تدفع رفيق زواجك الى اتخاذ موقف دفاعي، وبالتالي تفقد فرصة استقاء الكلام منه بهدوء. لذا، اطرح عليه الاسئلة بلطف واحترام، وتحلى بالصبر إن لم يعبّر عن مشاعره بالسرعة التي تتوقعها.
وعندما يتكلم، كن «سريعا في الاستماع، بطيئا في التكلم، بطيئا في السخط». (يعقوب ١:١٩) فالمصغي الجيد لا يسمع الكلام فحسب، بل يميز ما وراءه. لذلك، وقتما يعبّر رفيق دربك عن نفسه، حاول ان تفهم مشاعره. ومن طريقة اصغائك يدرك إن كنت تحترمه ام لا.
وقد علّمنا يسوع كيف نستمع الى الآخرين. مثلا، لمّا التمس منه رجل مريض المساعدة، لم يلجأ الى حلّ المشكلة بسرعة. ففي البداية اصغى الى توسل الرجل، ثم تحسّس مشاعره بعمق، وأخيرا شفاه. (مرقس ١:٤٠-٤٢) بإمكانك انت ايضا ان تستخدم الاسلوب نفسه مع رفيق زواجك حين يتحدث اليك. وتذكَّر انه على الارجح يطلب التعاطف القلبي، لا الحل السريع. لذا اصغِ اليه جيدا، ثم حاول ان تتقمصه عاطفيا، وعندها فقط لبِّ حاجاته. فباتّباعك كل هذه الخطوات، تظهر له الاحترام الواجب.
جرِّب ما يلي: في المرة المقبلة، عندما يبتدئ شريكك بالتحدث اليك، حاول جاهدا ألا تسارع الى اجابته. انتظر حتى ينتهي من التعبير عن نفسه وافهم جيدا ما قاله. وفي وقت لاحق، اقترب منه واسأله: «هل تشعر انني كنت اصغي اليك جيدا؟».
حين يكون لديك ما تقوله
المشكلة:
تقول ليندا المذكورة آنفا: «توحي المسلسلات الهزلية انه من الطبيعي التحدث سلبا عن رفيق الزواج، وكذلك اهانته والاستهزاء به». ويتربى البعض ضمن عائلات معتادة على استعمال الكلام المهين. وهكذا، عندما يتزوجون، يجدون من الصعب تفادي التكلم بهذا الاسلوب. تخبر آيڤي التي تعيش في كندا: «نشأت في بيئة يسودها الصياح والشتائم والسخرية».
الحل:
عند التكلم عن شريكك امام الآخرين، اذكر «كل ما كان صالحا للبنيان بحسب الحاجة، لكي يعطي افسس ٤:٢٩) نعم، دع كلامك يعكس صورة جميلة عن رفيق دربك.
مسرة للسامعين». (حتى عندما تكونان على انفراد، ابذل ما في وسعك كي تحجم عن التفوه بالكلام الساخر والشتائم. تأمل مثلا ما حدث في اسرائيل قديما. فقد غضبت ميكال من زوجها الملك داود، وسخرت به قائلة انه تصرف مثل «احد السفهاء». وكلماتها هذه لم تجرح داود فحسب، بل ايضا اغضبت الله. (٢ صموئيل ٦:٢٠-٢٣) فأي عبرة نستخلصها من هذه الحادثة؟ عند التكلم مع رفيق زواجك، اختر كلماتك بعناية. (كولوسي ٤:٦) يعترف فيليب المتزوج منذ ثماني سنوات ان الخلافات لا تزال تنشأ بينه وبين زوجته. وهو يلاحظ ان كلماته تزيد الوضع سوءا احيانا. يقول: «بتّ ادرك ان ‹الربح› في الجدال هو في الواقع خسارة. فأنا ارى ان السعي الى بناء علاقتنا هو ما يفيدنا ويجلب لنا السعادة والاكتفاء اكثر بكثير».
وفي الازمنة القديمة، شجعت احدى الارامل المسنات كنتيها قائلة لهما: «لتجد كل واحدة منكما مكان راحة في بيت زوجها». (راعوث ١:٩) فبإكرام الزوج والزوجة واحدهما الآخر، يجعلان بيتهما «مكان راحة».
جرِّب ما يلي: خصِّص وقتا انت وشريكك لتناقشا معا الاقتراحات الواردة تحت هذا العنوان الفرعي. واسأله: «عندما اتكلم عنك امام الناس، أتشعر بأنني اكرمك ام احط من قدرك؟ اية تعديلات بإمكاني صنعها لأتحسّن في هذا المجال؟». اصغيا بانتباه شديد واحدكما الى الآخر فيما تعبّران عن مشاعركما. وليحاول كل منكما تطبيق ما يسمعه من اقتراحات.
تقبَّل الاختلاف في شخصيتكما
المشكلة:
يظن بعض المتزوجين حديثا ان عبارة «يكون الاثنان جسدا واحدا» في الكتاب المقدس تعني ان يكون للزوجين رأي واحد وشخصية واحدة. (متى ١٩:٥) لكنهم سرعان ما يكتشفون ان هذا المفهوم بعيد عن الواقع. فبعد الزواج، غالبا ما تؤدي الفوارق بينهم وبين رفيقهم الى الجدال. تقول ليندا: «احد الفوارق بيننا هو ان فيليب لا يحمل همًّا مثلي. لذا يستطيع الحفاظ على اعصاب هادئة احيانا في حين يساورني انا القلق، فينتهي بي المطاف الى الغضب ظنًّا مني ان المسألة لا تهمه بقدر ما تهمني».
الحل:
تقبَّل رفيقك على ما هو عليه، واحترم ما لديه من سمات تميزه عنك. للايضاح: تؤدي العين وظيفة مغايرة لوظيفة الاذن. ورغم ذلك، فهما تعملان معا بانسجام بحيث تمكّنانك مثلا من عبور الطريق بأمان. تقول ادريان المتزوجة منذ ثلاثة عقود تقريبا: «ما دامت وجهات نظرنا انا وزوجي لا تنتهك كلمة الله، نتقبَّل ان يكون لكل منا رأيه الخاص. فنحن زوجان لا نسختان متطابقتان».
وحين يخالفك رفيق زواجك في الرأي او يظهر رد فعل معاكسا لرد فعلك، لا تركز على مصالحك فقط، بل خذ مشاعره بعين الاعتبار. (فيلبي ٢:٤) يعترف كايل زوج ادريان: «لا افهم زوجتي او اوافقها الرأي دائما. لكني اذكِّر نفسي ان رأيي ليس مهمّا مقارنة بحبي لها. فسعادتها تعني لي الكثير».
جرِّب ما يلي: اصنع قائمة تدرج فيها وجهات النظر وطرائق معالجة الامور التي يتفوق فيها رفيق زواجك عليك. — فيلبي ٢:٣.
ان الاحترام هو احد السبل التي تقود الى زواج سعيد ودائم. تقول ليندا: «يؤدي الاحترام الى الفرح والامان في الزواج. وتنمية هذه الصفة تستحق كل العناء».
^ الفقرة 3 جرى تغيير الاسماء.
اسأل نفسك:
-
كيف يغني رفيق زواجي عائلتنا بالسمات التي يتميز بها عني؟
-
لمَ يحسن بي ان اتبنى تفضيلات رفيق زواجي ما دامت لا تخالف مبادئ الكتاب المقدس؟